كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

قال ابن القيم - رحمه الله -: هذا الحديث صحيح إلى عمرو بن شعيب، والجمهور يحتجون به، وقد احتج به الشافعي في غير موضع، واحتج به الأئمة كلهم في الديات.
قال الشافعي (¬١): قضى عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في دية اليهودي والنصراني بثلث دية المسلم، وقضى عمر في دية المجوسي بثمانمائة درهم، ولم نعلم أن أحدًا قال في دياتهم (¬٢) أقل من هذا، وقد قيل: إن دياتهم أكثر من هذا؛ فألزمنا قاتل كلِّ واحدٍ من هؤلاء الأقل مما أُجمِعَ عليه.
قال البيهقي (¬٣): حديث عمرو بن شعيب قد رواه حسين المعلم عن عمرو عن أبيه عن جده، قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانمائة دينار= ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين. قال: فكان ذلك حتى استخلف عمر فذكر خطبته في رفع الدية حين (¬٤) غلت الإبل. قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية.
قال: فسببه ــ والله أعلم ــ أن يكون قوله: «على النصف من دية المسلمين» راجعًا إلى ثمانية آلاف درهم، فتكون ديتهم في روايته في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعةَ آلاف درهم، ثم لم يرفعها عمر فيما رفع من الدية، فكأنه علم
---------------
(¬١) «الأم» (٧/ ٢٥٩)، وعنه البيهقي في «المعرفة» (١٢/ ١٤٢).
(¬٢) ط. الفقي: «حياتهم»، تحريف.
(¬٣) «المعرفة» (١٢/ ١٤٦ - ١٤٧)، وأخرج الحديث أبو داود (٤٥٤٢)، والبيهقي في «الكبرى» (٨/ ١٠١).
(¬٤) في الأصل: «حتى»، تصحيف.

الصفحة 149