كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

- غرضه من التجريد:
قال: «وقد تعبتُ في تجريد هذه الزوائد لكني استفدت بها مقصدَين من أعظم المقاصد، أحدهما: مطالعة الكتاب، والثاني: تسهيل هذه الزيادات على الطلاب.
واعْلم أنّ هذا التجريد أفاد أمرًا حسنًا وفضلًا بيِّنًا، وذلك أنّ الناظر في كتاب الحافظ المنذري لا يستغني عمّا زاده عليه الحافظ ابن القيم، والناظر في كلام الحافظ ابن القيم لا يستغني عن كتاب الحافظ المنذري، لأنّ الشيخ ابن القيم لم يكتب في كتابه جميع ما حشّى به الإمام المنذري، بل كثيرًا ما يحذف منه فوائد لا تُعَدّ ولا تُحصَى لكثرتها، فإذا كان عند الإنسان كتاب المنذري وهذا التجريد استغنى به عن طُول النظر في كتاب الحافظ ابن القيم. ثم ولو نظر في كتاب ابن القيم لا يقدر على التمييز بين كلامه وكلام المنذري حتى يقابل البابَين اللذَين ينظر فيهما معًا ــ كما فعل كاتبه ــ فتتبيَّنَ له الزيادة، فيحتاج إلى طول زمان، والعمرُ قصير، والشغل كثير، والأجل في مسير!».
ونقل المجرّد مقدمة وخاتمة ابن القيم لتهذيبه فحفظ لنا بذلك غرض ابنِ القيم ومنهجَه وطريقتَه في كتابه.
وقد كان يظن كثيرون إلى عهد قريب ــ وأنا منهم ــ أن ابن القيم في «تهذيب السنن» إنما علَّق حواشيَ على طُرَر نسخته من «مختصر المنذري» ضمّنها تعليقات وتعقيبات وشروحًا على أحاديث متفرقة في الكتاب، ولعل الذي رسّخ هذا الظنَّ هو نشرات كتاب «التهذيب» السابقة إذ كانت في هامش «المختصر» أشبه شيء بالتعليق والتنكيت والاستدراك على المنذري.

الصفحة 16