قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (¬١) [سورة التوبة: ١١٣].
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، وحدثنى محمّد بن عبد اللَّه ابن أخى الزُّهرى عن أبيه عن عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعَير العُذرىّ قال: قال أبو طالب: يا بن أخى واللَّه لولا رَهْبةَ أن تقول قريش دَهَرَنى الجَزَع (¬٢) فيكون سُبَّة عليك وعلى بَنى أبيك لَفَعَلْتُ الذى تقول، وأقررتُ عينك بها، لما أرى من شُكرك وَوَجْدَك بى ونصيحتك لى.
ثمّ إن أبا طالب دعا بَنى عبد المطلّب فقال: لن تزالوا بخيرٍ ما سمعتم من محمّد وما اتبعتم أمره فاتّبعوه وأعينوه تَرْشُدوا، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: أتَأمُرُهُمْ بِهَا وَتَدَعُهَا لِنَفْسِكَ؟ فقال أبو طالب: أما أنك لو سألتنى الكلمة وأنا صحيح لَتَابَعتُك على الذى تقول، ولكنى أكره أن أُجَزَّعَ عند الموت فترى قريش أنى أخذتُها جَزَعًا ورددتُها فى صحّتى (¬٣).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا ابن جُريْج وسفيان بن عُيينة عن عَمرو بن دينار عن أبى سعيد أو عن ابن عمر قال: نزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [سورة القصص: ٥٦]: فى أبى طالب (¬٤).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثنى الثورى عن حبيب بن أبى ثابت عن ابن عبّاس فى قوله: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [سورة الأنعام: ٢٦]: قال: نزلت فى أبى طالب ينهى عن أذى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن يُؤذى وينأى أن يدخل فى الإِسلام.
قال: وأخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنى مُعاوية بن عبد اللَّه بن عُبيد اللَّه بن أبى رافع عن أبيه عن جَدّه عن علىّ قال: أخبرت رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بموت أبى طالب فَبَكَى ثمّ قال: اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفّنْهُ وَوَارِهِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَرَحِمهُ! قال:
---------------
(¬١) انظر عيون الأثر ج ١ ص ١٣١، والسيرة النبوية للذهبى ص ٢٣٠.
(¬٢) لدى أبن الأثير فى النهاية (خرع) ومنه حديث أبى طالب "لولا أن قريشا تقول أدركه الخَرَعُ لقلتها"، ويروى بالجيم والزاى، وهو الخوف. قال ثعلب: إنما هو بالخاء والراء.
(¬٣) أورده ابن سيد الناس فى عيون الأثر ج ١ ص ١٣٢، والذهبى فى السيرة ص ٢٣٢.
(¬٤) تاريخ الإسلام للذهبى: السيرة النبوية ص ٢٣٣.