كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

أو قال أربعين يومًا، ثم ضرب بيده فيه فخرج كلّ طيّب فى يمينه، وخرج كل خبيث فى يده الأخرى، ثم خلّط بينهما، قال: فمن ثَمّ يخرج الحىّ من الميت والميت من الحىّ.
أخبرنا إسماعيل بن عبد اللَّه بن أبى أويس المدنى، حدّثنى أَبِى، عن عون بن عبد اللَّه بن الحارث الهاشمى عن أخيه عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحارث عن أبيه قال: قال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ اللَّه خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ.
قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعانى قال: حدّثنى عبد الصمد بن مَعْقِل أنّه سمع وهب بن مُنَبّه يقول: خلَق اللَّهُ ابن آدم كما شاء وممّا شاء فكان كذلك، تبارَك اللَّه أحسن الخالقين، خُلق من التراب والماء، فمنه لحمه ودمه وشَعره وعِظامه وجسده كلّه، فهذا بدء الخلق الذى خلق اللَّه منه ابن آدم، ثُمّ جعلت فيه النفس، فبها يقوم ويقعد ويسمع ويُبصر، ويعلم ما تعلم الدواب، ويتقى ما تتقى، ثمّ جعل فيه الروح، فبِهِ عرف الحقّ من الباطل، والرشد من الغىّ، وبه حذّر وتقدّم، واستتر وتعلّم، ودبّر الأمور كلها.
قال: أخبرنا خلاد بن يحيَى، أخبرنا هشام بن سعد، أخبرنا زَيد بن أَسْلَم عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: لَمّا خَلَقَ اللَّه آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ من ظَهْرِهِ كُلّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إلى يَوْمِ القِيامَةِ، ثُمّ جَعَلَ بَيْنَ عَيْنَىْ كُلّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبيصًا مِنْ نُورٍ ثُمّ عَرَضَهُمْ عَلى آدَمَ فَقَالَ: أىْ رَبّ مَنْ هَؤلاء؟ قَالَ: هَؤلاءِ ذُرّيّتُكَ. فَرَأى رَجُلًا مِنْهُمْ أعْجَبَهُ نُورُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: أىْ رَبّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ ذُرّيّتِكَ فى آخِرِ الأمَمِ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ. قَالَ: أىْ رَبّ كَمْ عُمرُهُ؟ قَالَ: سِتّونَ سَنَةً. قَالَ: فَزِدْهُ مِنْ عُمُرى أرْبَعينَ سَنَةً. قَالَ: إذًا تُكَتْبُ وَتُخْتَمُ وَلا تُبَدّلُ (¬١). قَالَ: فَلَمّا انْقَضَى عُمُرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ المَوْتِ. قَالَ: أوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمُرى أرْبَعُون سَنَةً؟ قَالَ: أوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ رسول اللَّه،
---------------
(¬١) وردت الأفعال تكتبَ وتَختمَ ولا تبدلَ منصوبة فى "ل" وقد علق عليها الأستاذ محمود شاكر بقوله: "الرفع هو الصحيح عندى هنا. لأن ما بعد إذن ليس جوابًا وجزاءًا أو لا يشبه ما بعد إذن ما قبلها وليس مخاطبا به آدم، بل خوطبت به الكتبة الذين يكتبون آجال بنى آدم".

الصفحة 11