كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

-صلى اللَّه عليه وسلم-: فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرّيّتُهُ، وَنَسِىَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرّيّتُهُ، وَخَطِئَ (¬١) آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرّيّتُهُ (¬٢).
أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب، أخبرنا حمَّاد بن سَلَمة عن علىّ بن زيد عن يوسف بن مِهران عن ابن عبّاس قال: لمّا نزلت آيةُ الدَّين قال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ أوّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ، عَلَيْهِ السّلامُ، وكرّرها ثلاثًا، إنّ اللَّه لمّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ فَأخْرَجَ ذُرّيّتَهُ فَعَرَضَهُمْ عَلَيْهِ، فَرَأى فِيهِمْ رَجُلًا يُزْهِرُ (¬٣) فَقَالَ: أىْ رَبّ أىّ بَنىّ هذا؟ قَال: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ. قَالَ: فَكَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ: سِتّونَ سَنَةً. قالَ: أىْ رَبّ زِدْهُ فى عُمُرِهِ. قَالَ: لا إلّا أنْ تَزيدَهُ أنْتَ مِنْ عُمُرِكَ، قَالَ وَكَانَ عُمُرُ آدَمَ ألْفَ سَنَة، قَالَ: أىْ رَبّ زِدْهُ مِنْ عُمُرى. قَالَ: فَزَادَهَ أرْبَعينَ سَنَةً وكَتَبَ عَليْهِ كِتابًا وأشْهَدَ عَلَيْه المَلائكةَ فَلَمّا احْتُضِرَ آدَمُ أتَتْهُ المَلائكَةُ لِتَقْبِضَ رُوحَهُ فَقَالَ: إنّهُ قَدْ بَقِىَ مِنْ عُمُرى أرْبَعُونَ سَنَةً، فَقَالُوا: إنّكَ جَعَلْتَهَا لابْنِكَ دَاوُدَ. فَقَالَ: أىْ رَبّ مَا فَعَلْتُ؟ فَأنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ الكِتَابَ وَأقَامَ عَلَيْهِ البَيّنَةَ، ثُمّ أكْمَلَ اللَّه، عَزّ وجَلّ لآدَمَ ألْفَ سَنَةٍ، وَأكْمَلَ لِدَاوُدَ مِائَةَ سَنَة (¬٤).
قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدىّ، وهو ابن عُلَيّةَ، عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس، فى قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} (¬٥) [سورة الأعراف: ١٧٢]. فمسح ربّك ظَهْرَ آدَمَ، فخرجت كلّ نسمة هو خالقها إلى يوم
---------------
(¬١) خطئ -بكسر الطاء- أى أذنب وعصى.
(¬٢) أخرجه الترمذى كتاب تفسير القرآن، تفسير سورة الأعراف رقم ٣٠٧٦ وقال: حسن صحيح. وأخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب التفسير، تفسير سورة الأعراف ج ٢ ص ٣٥٥.
(¬٣) يزهر: رجل أزهر، أى أبيض مشرق الوجه.
(¬٤) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد ج ٨ ص ٢٠٦، وقال: رواه أحمد والطبرانى. وفيه: على بن زيد وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات.
(¬٥) بمتن ل "ذرياتهم، وبهامشها" وفى طبعة فليجل "ذُرّيَّتَهُم" وبالمثل صيغة الجمع "ذرِّياتهم" والرواية التى وصلتنا تتفق مع ما ورد بجميع مخطوطات ابن سعد التى لدينا. انظر البيضاوى فى هذا الصدد (تحقيق فليشر Fleisher ج ١ ص ٣٥١). حيث ورد (وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب "ذرّيّاتهم". وقد علق الأستاذ محمود شاكر على ذلك بقوله "قرأ ابن كثير والكوفيون بغير ألف على التوحيد فى المواضع الثلاثة (هنا وفى الطور ويس) ووافقهم أبو عمرو عَلَى حرف يس - وقرأ الباقون بالألف على الجمع مع كسر التاء فى المواضع الثلاثة (فرش الحروف فى كتاب النشر ج ٢ ص ٢٦٣).

الصفحة 12