كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

قال: النّاسُ لآدَمَ وَحَوّاءَ كَطَفّ الصّاعِ لَنْ يَمْلَئُوهُ، إنّ اللَّه لا يَسْألُكُمْ عَنْ أحْسَابِكُمْ ولا أنْسابِكُمْ يَوْمَ القِيامَة، أكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّه أتْقَاكُمْ (¬١).
قال: أخبرنا هشام بن محمد (¬٢)، أخبرنى أَبِى عن أَبِى صالح عن ابن عبّاس قال: خرج آدم من الجنّة بين الصّلاتين، صلاة الظهر وصلاة العصر، فأُنْزل إلى الأرض، وكان مَكْثُهُ فى الجنّة نصفَ يوم من أيّام الآخرة، وهو خمسمائة سنة من يوم كان مقداره اثنتى عشرة ساعة، واليوم ألف سنة مما يَعُدُ أهل الدنْيا، فأُهبط آدم على جبل بالهند يقال له نَوْذ، وأُهبطت حوّاء بجدّةَ، فنزل آدم معه ريح الجنّة، فعلق بشجرها وأوديتها، فامتلأ ما هنالك طيبًا، فمن ثَمّ يؤتَى بالطيب من ريح آدم، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالوا: أُنْزل معه من آس الجنّة أيضًا، وأُنْزل معه بالحجر الأسود، وكان أشدّ بياضًا من الثلج، وعصا موسى، وكانت من طيب الجنة، طولها عشرة أذرع على طول موسى، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومُرّ ولُبان ثمّ أُنْزل عليه بَعْدُ العلاةُ والمِطرَقة والكلبتان، فنظر آدم حين أُهبط على الجبل إلى قضيب من حديد نابت على الجبل، فقال: هذا من هذا، فجعل يكسر أشجارًا عتقت ويبست بالمِطرقة، ثم أوقد على ذلك الغصْن حتى ذاب، فكان أول شئ ضرب منه مُدْيَةٌ، فكان يعمل بها، ثمّ ضرب التنّور وهو الذى ورثه نوح، وهو الذى فار بالهند بالعذاب، فلمّا حجّ آدم، وضع الحجر الأسود على أبي قبيسٍ فكان يضئ لأهل مكّة فى ليالى الظلم كما يضئ القمر، فلمّا كان قبيل الإسلام بأربع سنين، وقد كان الحُيّضُ والجُنُبُ يصعدون إليه يمسحونه فاسود فأنزلته قريش من أبى قُبَيْسِ (¬٣).
وحجّ آدم من الهند إلى مكّة أربعين حجّه على رجليه، وكان آدم حين أُهبط يمسح رأسُه السّماءَ، فمن ثَمّ صلع وأورث ولده الصّلَعَ ونَفَرَتْ من طوله دواب البر فصارت وحشًا من يومئذ، فكان آدم وهو على ذلك الجبل قائمًا يسمع أصوات
---------------
(¬١) أخرجه صاحب الكنز برقم ٥٦٥١ عن ابن سعد.
(¬٢) هشام بن محمد بن السائب الكلبى أبو المنذر الأخبارى النسّابة. روى عن أبيه عن أبى صالح عن ابن عباس. قال أحمد بن حنبل: إنما كان صاحبَ سمر ونَسَب، ما ظننت أن أحدًا يحدث عنه. وقال الدارقطنى وغيره: متروك. وقال ابن عساكر: رافضى ليس بثقة (ميزان الاعتدال ج ٤ ص ٣٠٤).
(¬٣) أبو قبيس: جبل مشرف على مكة.

الصفحة 18