كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

مكّة فكان كلّ مكان نزل به عمرانًا، وكل (¬١) مكان تعداه مفاوز وقفارًا.
فبنى البيت من خمسة أجبُل: من طور سينا، وطور زيتون، ولُبنان، والجودى، وبنى قواعده من حِراء، فلمّا فرغ من بنائه خرج به الملَك إلى عرفات فأراه المناسك كلّها التى يفعلها النّاس اليوم ثمّ قدم به مكّة فطاف بالبيت أسبوعًا ثمّ رجع إلى أرض الهند فمات على نوذ، فقال شيث لجبريل: صلّ على آدم، فقال: تقدّم أنت فصلّ على أبيك وكَبّر عليه ثلاثين تكبيرة، فأمّا خمس فهى الصّلاة، [وَأمَّا] (¬٢) خمس وعشرون فتفضيلا لآدم.
ولم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفًا بنوذ ورأى آدم فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد، فأوصى أن لا يناكح بنو شيث بنى قابيل، فجعل بنو شيث آدم فى مغارة وجعلوا عليه حافظًا لا يقربه أحد من بنى قابيل.
وكان الذين يأتونه ويستغفرون له بنو شيث، فكان عُمر آدم تسعمائة سنة وستًّا وثلاثين سنة، فقال مائة من بنى شيث صِباحٌ: لو نظرنا ما فعل بنو عمّنا، يعنون بنى قابيل، فهبطت المائة إلى نساء قباح من بنى قابيل.
فاحتبس (¬٣) النسّاء الرجال ثمّ مكثوا ما شاء المحه، ثمّ قال مائة آخرون: لو نظرنا ما فعل إخواننا، فهبطوا من الجبل إليهم فاحتبسهم النّساء، ثمّ هبط بنو شيث كلهم، فجاءت المعصية وتناكحوا واختلطوا وكثر بنو قابيل حتى مَلأوا الأرض، وهم الذين غرقوا أيام نوح.
ووَلَد شيث بن آدم أنوش ونفرًا كثيرًا وإليه أوصى شيث، فولد أنوش قينان ونفرًا كثيرًا وإليه الوصية، فولد قينان مهلاليل ونفرًا معه وإليه الوصية، فولد مهلاليل يرذ، وهو اليارذ، ونفرًا معه وإليه الوصية، وفى زمانه عُملت الأصنام ورجع من رجع عن الإسلام، فولد يرذ خنوخ وهو إدريس النبى، عليه السلام، ونفرًا معه (¬٤).
* * *
---------------
(¬١) ل "وكان كل" والمثبت من م والطبرى ج ١ ص ١٢٤ وهو ينقل عن ابن سعد.
(¬٢) تكملة من تاريخ الطبرى ج ١ ص ١٦١ وهو ينقل عن ابن سعد.
(¬٣) فاحتبس تحرفت فى طبعتى إحسان وعطا إلى "فأحبس".
(¬٤) الخبر لدى الطبرى فى تاريخه ج ١ ص ١٦٤.

الصفحة 22