كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

ومُنْقِذ بن حيّان، وهو ابن أخت الأشجّ، وكان قدومهم عام الفتح، فقيل: يا رسول اللَّه هؤلاء وفد عبد القيس، قال: مَرْحَبًا بِهِمْ نِعْمَ القَوْمُ عَبْدُ القَيْسِ! قال: ونظر رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلى الأفق صَبيحة ليلة قدموا وقال: لَيَأْتِيَنَّ رَكْبٌ مِنَ المُشرِكينَ لَمْ يُكْرَهوا عَلى الإسلام قَدْ أنْضوا الرّكابَ وَأفْنَوا الزادَ، بصاحِبِهِمْ عَلامَةٌ، اللهُمّ اغْفِرْ لِعَبْدِ القَيْسِ أتَوْنى لا يَسْألُونى مالًا هُمْ خيَرُ أهْلِ المَشْرِقِ.
قال: فجاءُوا فى ثيابهم ورسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى المسجد فسلّموا عليه، وسألهم رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الأشَجّ؟ قال: أنا يا رسول اللَّه، وكان رجلًا دميمًا، فنظر إليه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إنّه لا يُستسقى فى مسوك الرجال إنّما يحتاج من الرجل إلى أصْغريه لسانه وقلبه، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: فيكَ خَصْلَتان يُحِبّهُما اللَّه، فقال عبد اللَّه: وما هما؟ قال: الحلْمُ وَالأناةُ، قال: أشَئٌ حدَث أم جُبلتُ عليه؟ قال: بَلْ جُبِلتَ عَلَيْهِ: وكان الجارود نصرانيًّا فدعاه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلى الإسلام فأسلم، فحسن إسلام *).
وأنزل وفد عبد القيس فى دار رملة بنت الحدث، وأجرى عليهم ضيافة، وأقاموا عشرة أيّام، وكان عبد اللَّه الأشجّ يُسائل رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن الفقه والقرآن، وأمر لهم بجوائز، وفضّل عليهم عبد اللَّه الأشجّ فأعطاه اثنتى عشرة أوقيّة ونشًّا، ومسح رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجه منقذ بن حيان.

وفد بكر بن وائل
قال: ثمّ رجع الحديث إلى حديث علىّ بن محمّد القرشى (¬١) بإسناده الأوّل، قالوا: وقدم وفد بكر بن وائل على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له رجل منهم: هل تعرف قُس بن ساعدة! فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: لَيْسَ هُوَ مِنْكُمْ هَذا رَجُلٌ مِنْ إيَاد تَحَنّفَ فى الجاهِلِيّةِ فوَافى عُكاظَ وَالنّاسُ مُجْتَمِعونَ فَيُكَلّمُهُمْ بكَلامِهِ الّذى حُفِظَ عَنْهُ. وكان فى الوفد بشير بن الخصاصيّة، وعبد اللَّه بن مَرْثَد، وحسّان بن خُوط، وقال رجل من ولد حسان:
أنا ابن حسان بن خُوْطٍ وَأَبِى ... رسول بَكرٍ كلّها إلى النَّبِىْ
---------------
(¬١) كذا فى م وفى ل وطبعتى إحسان وعطا "محمد بن على القرشى" تحريف.

الصفحة 272