اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى المسجد فسلموا عليه وشهدوا شهادة الحقّ، وخلّفوا مُسيلمة فى رحلهم، وأقاموا أيّامًا يختلفون إلى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان رجَّال بن عُنْفُوة يتعلّم القرآن من أُبىّ بن كعب، فلما أرادوا الرجوع إلى بلادهم أمر لهم رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-. بجوائزهم خمس أواق لكلّ رجل، فقالوا: يا رسول اللَّه إنّا خَلَّفنا صاحبًا لنا فى رحالنا يُبصرها لنا، وفى ركابنا يحفظها علينا، فأمر له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بمثل ما أمر به لأصحابه وقال: لَيْسَ بِشَرّكُمْ مَكانًا لِحِفْظِهِ رِكابَكُمْ ورِحالَكُمْ، فقيل ذلك لمُسَيلمة، فقال: عرف أن الأمر إلىّ من بعده.
ورجعوا إلى اليمامة وأعطاهم رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، إداوةً من ماء فيها فَضْل طَهور، فقال: إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم (¬١) وانضْحوا مكانها بهذا الماء واتخذوا مكانها مسجدًا، ففعلوا، وصارت الإِدَاوَةُ عند الأَقْعَس بن مَسْلَمَة، وصار المؤذن طَلْق بن علىّ، فأذّن فسمعه راهب البيعة فقال: كلمة حقّ، ودعوة حقّ! وهرب، فكان آخر العهد به.
وادعى مُسَيلمة، لَعنه اللَّه، النبوة، وشهد له الرَّجَّال بن عُنْفُوَةَ أن رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أشركه فى الأمر فافتتن النّاس به *).
وفد شَيْبان (¬٢)
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم، أخبرنا عبد اللَّه بن حسّان أخو بنى كعب من بَلْعَنْبَر أنّه حدّثته جَدّتاه صفية بنت عُليبة ودُحيبة بنت عليبة حدّثتاه عن حديث قَيْلَة بنت مَخْرَمة، وكانتا ربيبتيْها، وقيلة جدّة أبيهما أمّ أمّه، أنّها كانت تحت حبيب ابن أزهر أخى بنى جَناب، وأنّها ولدت له النساء، ثمّ توفى فى أوّل الإسلام فانتزع بناتها منها عمهن أثؤب بن أزهر، فخرجت تبتغى الصحابة إلى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى أوّل الإسلام، فبكت جُويرية منهن حُديباء، وكانت أخذتها الفرصة، عليها سُبَيّج من صوف، قال: فذهبت بها معها، فبينا هما تُرتكان الجمل إذ انتفجت الأرنب، فقالت الحديباء القَصِيّة: واللَّه لا يزال كعبك أعلى من كعب أثؤب فى
---------------
(¬١) البيعة متعبد النصارى.
(¬٢) انظر: النويرى ج ١٨ ص ٧٤.