كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

سَبرة عن أبى عمير الطائى -وكان يتيم الزهرىّ- قال: وأخبرنا هشام بن محمّد ابن السائب الكلبى، أخبرنا عُبادة الطائىّ عن أشياخهم، قالوا: قَدِم وَفْد طَيِّئ على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، خمسة عشر رجلًا، رأسهم وسيّدهم زَيد الخير، وهو زَيد الخيل بن مُهلهل من بنى نَبهان، وفيهم وَزَر بن جابر بن سَدُوس بن أصمع النبهانى، وقَبيصة بن الأسود بن عامر من جَرْم طَيِّئ، ومالك بن عبد اللَّه بن خيبَرى من بَنى معن، وقُعين بن خُليف بن جَدِيلة، ورجل من بَنى بَوْلان، فدخلوا المدينة ورسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى المسجد فعقدوا رَوَاحلهم بفناء المسجد، ثمّ دخلوا فَدَنوا من رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَعَرَض عليهم الإسلام فأسْلموا، وجازَهم بخمس أواق فضة كل رجل منهم، وأعطى زيد الخيل اثنتى عشرة أوقية ونَشًّا، وقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما ذُكِرَ لى رَجلٌ مِنَ العَرَبِ إلّا رَأيْتُهُ دُونَ مَا ذُكِرَ لى إلّا ما كانَ من زَيْدٍ فَإنّهُ لمْ يَبْلُغْ كُلّ مَا فِيه! *).
وسمّاه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم- زيد الخيل وقطع له فَيْد (¬١) وأرضين، فكتب له بذلك كتابًا، ورجع مع قومه، فلمّا كان بموضع يقال له الفَرْدة (¬٢) مات هناك، فعمدت امرأته إلى كلّ ما كان النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، كتب له به فخرقته، وكان رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، قد بعث علىّ بن أبى طالب إلى الفُلس، صنم طيِّئ، يهدمه ويشن الغارات، فخرج فى مائتى فرس فأغار على حاضر آل حاتم، فأصابوا ابنة حاتم فقدم بها على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى سبايا من طيِّئ، وفى حديث هشام بن محمّد أن الذى أغار عليهم وسبى ابنة حاتم من خيل النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، خالد بن الوليد.
ثمّ رجع الحديث إلى الأوّل، قال: وهرب عدىّ بن حاتم من خيل النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى لحق بالشأم، وكان على النصرانيّة، وكان يسير فى قومه بالمرباع، وجُعلت ابنة حاتم فى حظيرة بباب المسجد، وكانت امرأة جميلة جزلة، فمرّ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقامت إليه فقالت: هلك الوالد وغاب الوافد فامنُن علىّ مَنّ اللَّه عليك! قال: مَنْ وَافِدُكِ؟ قالت: عدىّ بن حاتم، فقال: الفَارّ مِنَ اللَّه وَمِنْ رَسُولهِ! وقدم وفد من قُضاعة من الشأم، قالت: فكسانى النّبيُّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأعطانى
---------------
(¬١) فيد: منزل فى نجد بطريق مكة من العراق.
(¬٢) الفَرْدة: ماء لجرم فى ديار طيئ، وهناك قبر زيد الخيل.

الصفحة 278