ابن مالك من بنى حَرِيم بن جُعْفىّ، فأسلما، فقال لهما رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: بَلَغَنى أنّكُمْ لا تَأكُلُونَ القَلْبَ؟ قالا: نعم، قال: فإنّهُ لا يَكْمُلُ إسْلامُكُمْ إلّا بأكْلِهِ، ودعا لهما بقلب فشُوى، ثمّ ناوله سلمة بن يزيد، فلمّا أخذه أُرعدت يده، فقال له رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: كُلْهُ، فأكله وقال:
على أنى أكَلتُ القلب كَرْهًا ... وتُرْعَدُ حينَ مَسّتْهُ بَنانى
قال: وكتب رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، لقيس بن سلمة كتابًا نسخته: كِتابٌ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللَّه لِقَيْسِ بنِ سَلَمَةَ بنِ شَرَاحِيلَ أنّى اسْتَعْمَلْتُكَ عَلى مُرّانَ وَمَوَالِيهَا وَحَرِيمٍ وَمَوَالِيهَا وَالكُلابِ وَمَوَالِيهَا مَنْ أقَامَ الصّلاةَ وَآتَى الزّكَاةَ وَصَدّقَ مَالَهُ وَصَفّاهُ قال: الكُلاب أوْد، وزُبيد، وجزء بن سعد العشيرة، وزيد اللَّه بن سعد، وعائذ اللَّه بن مسعد، وبنو صلاءة من بنى الحارت بن كعب، قال: ثمّ قالا: يا رسول اللَّه إن أمّنَا مُلَيكة بنت الحلو كانت تفُكّ العانى وتطعم البائس وترحم المسكين، وإنها ماتت وقد وأدت بُنيّة لها صغيرةً فما حالها؟ قال: الوائِدَةُ وَالمَوْءُودَةُ فى النّارِ، فقاما مغضبَين، فقال: إلىّ فَارْجِعَا! فقال: وَأمى مَعَ أُمّكُما، فأبيا ومضيا وهما يقولان: واللَّه إن رجلًا أطعمنَا القلب، وزعم أنّ أمّنا فى النار، لأهل أن لا يُتّبَع! وذهبا، فلما كانا ببعض الطريق لقيا رجلًا من أصحاب رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، معه إبل من إبل الصدقة فأوثقاه وطردا الإبل، فبلغ ذلك النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلعنهما فيمن كان يلعن فى قوله: لَعَنَ اللَّهُ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيّةَ وَلِحْيَانَ وَابْنىْ مُلَيْكَةَ بنِ حَرِيمٍ وَمُرّانَ.
قال: أخبرنا (¬١) هشام بن محمّد قال: حدّثنى الوليد بن عبد اللَّه الجُعفى عن أبيه عن أشياخهم قالوا: وفد أبو سَبرةَ وهو يزيد بن مالك بن عبد اللَّه بن الذؤيب ابن سلمة بن عمرو بن ذُهل بن مُرّان بن جُعفىّ على النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعه ابناه سَبْرة وعزيز، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، لعزيز: ما اسْمُكَ؟ قال: عزيز، قال: لا عَزيزَ إلّا اللَّه، أنْتَ عبْدُ الرّحْمَنِ، فأسلموا، وقال له أبو سبرة: يا رسول اللَّه إنّ بظهر كفّى سلعة قد منعتنى من خطام راحلتى، فدعا له رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بقدح فجعل
---------------
(¬١) الخبر بنصه لدى النويرى ج ١٨ ص ٨٤ نقلا عن ابن سعد.