كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

كان لنا صَنَم وكُنّا نعظّمه، وكنت سادنه، فلمّا سمعت بالنبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، كسرته وخرجت حتى أقدم المدينة على النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأسلمت وشهدت شهادة الحقّ، وآمنْت بما جاء به من حلال وحرام، فذلك حين أقول:
شهدتُ بأنّ اللَّه حقّ، وإننّى ... لآلهة الأحجارِ أوّلُ تاركِ
وشَمّرْتُ عن ساقى الإزَارَ مهاجرًا ... إِليك أجوبُ الوَعْثَ بعد الدكادكِ
لأَصْحَبَ خَيْرَ النَّاس نَفْسًا وَوَالدًا ... رسولَ مَلِيكِ النّاس فَوْقَ الْحَبَائِكِ
قال: ثمّ بعثه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فأجابوه إلا رجلًا واحدًا ردّ عليه قوله، فَدَعا عليه عمرو بن مرّة، فسقط فُوهُ، فما كان يقدر على الكلام، وَعَمِىَ واحْتاجَ *).
* * *

وفد كَلْب (¬١)
قال: أخبرنا هشام بن محمّد بن السائب الكلبى قال: حدّثنى الحارث بن عمرو الكلبى عن عمّه عُمارة بن جَزْء عن رجل من بنى ماويّة من كلب قال: وأخبرنى أبو ليلى بن عطية الكلبى عن عمّه قالا: قال عبد عمرو بن جبلة بن وائل ابن الجُلاح الكلبى: شخصتُ أنا وعاصم -رجل من بنى رقّاش من بنى عامر- حتى أتينا النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعرَض علينا الإسلام فأسلمنا، وقال: أنَا النّبىّ الأمّىّ الصّادِقُ الزّكىّ وَالوَيْلُ كُلّ الوَيْلِ لِمَنْ كَذّبنى وتَوَلّى عَنّى وَقَاتَلَنى، وَالخَيْرُ كُلّ الخَيْرِ لمَنْ آوَانى وَنَصَرَنى وآمَنَ لى وَصَدّقَ قَوْلى وجَاهَدَ معى قالا: فنحن نؤمن بك ونصدّق قولك، فأسلمنا، وأنشأ عبد عمرو يقول:
أجبتُ رسولَ اللَّه إذ جاء بالهُدَى ... وأصبحت بعد الجحد باللَّه أوْجرَا
وودّعْتُ لذّاتِ القداح وقد أُرى ... بها سَدِكًا عمرى وللهو أصْوَرَا
وآمنتُ باللَّه العلىّ مَكانُهُ ... وَأصبحت للأوثان ما عشتُ مُنكِرَا
---------------
(¬١) انظر: النويرى ج ١٨ ص ٩٣.

الصفحة 288