فلبّاه وكان له ظُهيرًا ... فرفّله على حيّىْ قدامه
قال: أخبرنا (¬١) يزيد بن هارون، أخبرنا مسْعر بن حبيب، أخبرنا عمرو بن سلمة بن قيس الجرمى أن أباه ونَفَرًا من قومه وفَدوا إلى النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، حين أسلم النّاس، وتعلّموا القرآن وقَضَوا حوائجهم، فقالوا له: من يصلى بنا أو لنا؟ فقال: لِيُصَلّ بِكُمْ أكْثَرُكُمْ جَمْعًا أوْ أخْذًا للْقُرْآنِ، قال: فجاءُوا إلى قومهم فسألوا فيهم فلم يجدوا فيهم أحدًا أكثر أخذًا أو جَمَع من القرآن أكثر مما جمعتُ أو أخذتُ، قال: وأنا يومئذ غلام علىَّ شملة، فقدّمونى فصلّيتُ بهم، فما شَهدت مجمعًا من جرم إلّا وأنا إمامهم إلى يومى هذا، قال يزيد قال مسعر: وكان يصلى على جنائزهم ويؤمهم فى مسجدهم حتى مضى لسبيله.
قال: أخبرنا (¬٢) عارف بن الفضل، أخبرنا حمّاد بن زيد عن أيوب قال: حدّثنى عمرو بن سلمة أبو زيد الجرمى قال: كنا بحضرة مَاءٍ مَمَرُّ النّاس عليه، وكنّا نسألهم ما هذا الأمر؟ فيقولون: رَجل زعم أنّه نبىّ وأن اللَّه أرسله، وأن اللَّه أوحَى إليه كذا وكذا، فجعلتُ لا أسمعُ شيئًا من ذلك إلّا حفظته كأنّما يُغْرَى فى صدرى بغِراء، حتى جمعتُ فيه قرآنًا كثيرًا، قال: وكانت العرب تَلوّم (¬٣) بإسلامها الفتح، يقولون: انظروا فإن ظَهَر عليهم فهو صادق وهو نبىّ، فلمّا جاءتنا وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، فانطلق أبى بإسلام حوائنا ذلك وأقام مع رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ما شاء اللَّه أن يقيم، قال: ثمّ أقبل فلمّا دنا منّا تلقّياه، فلمّا رأيناه قال: جئتكم واللَّه من عند رسول اللَّه حقًّا، ثم قال: إنّه يأمركم بكذا وكذا، ويَنهاكم عن كذا وكذا، وأن تصلّوا صلاة كذا فى حين كذا، وصلاة كذا فى حين كذا، وإذا حضرت الصّلاة فليؤذّنْ أحدكم، وليؤمّكم أكثركم قرآنًا، قال: فنظر أهل حوائنا فما وجدوا أحدًا أكثر قرآنًا منى للذى كنتُ أحفظه من الرّكبان، قال: فقدمونى بين أيديهم فكنت أصلّى بهم وأنا بن ستّ سنين، قال: وكان علىّ بُردة كنتُ إذا سجدتُ تقلّصت عنى، فقالت امرأة من الحىّ: ألا تُغطون عنّا است
---------------
(¬١) راجع النويرى ج ١٨ ص ٩٥.
(¬٢) راجع النويرى ج ١٨ ص ٩٥.
(¬٣) تلوّم: أى تنتظر.