ابن عبد كُلال وإلى نُعيم بن عبد كُلال وإلى النّعمان قَيْل ذى رُعَينْ ومعافر وهَمْدان: أمّا بَعْد ذَلِكَمْ فإنّى أحْمَدُ اللَّه الّذى لا إلَهَ إلا هُوَ، أمّا بعْدُ فإنّهُ قَدْ وَقَعَ بنا رَسُولُكُمْ مَقْفَلَنَا منْ أرْضِ الرّومِ فَبَلّغَ ما أرْسَلْتُمْ وَخَبّرَ عمّا قِبَلَكُمْ وَأنْبَأنَا بإسْلامِكُمْ وَقَتْلِكُمُ المشُرِكِينَ فإنّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالى قَدْ هَداكُمْ بهُدَاهُ إنْ أصْلَحْتُمْ وَأطَعْتُمُ اللَّه وَرَسُولَهُ وَأقَمْتُمُ الصّلاةَ وآتَيْتُمُ الزّكَاةَ وَأعْطَيْتُمْ مِنَ المغنَمِ خُمْسَ اللَّه وخُمْسَ نَبيّهِ وَصَفيّهِ وَمَا كُتِبَ عَلى المُؤمِنينَ مِنَ الصّدَقَةِ.
وفد نجران (¬١)
رجع الحديث إلى حديث على بن محمّد القرشى، قالوا: وكتبَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلى أهل نَجران، فخرَج إليه وفدهم أربعة عشر رجلًا من أشرافهم نصارى، فيهم العاقب، وهو عَبد المسيح، رجل من كِندة، وأبو الحارث بن عَلْقَمة، رجل من بنى ربيعه، وأخوه كُرْز، والسيّد وأوس ابنا الحارث، وزَيد بن قَيس، وشَيْبة، وخُوَيلد، وخالد، وعَمرو، وعُبيد اللَّه، وفيهم ثلاثة نفر يتولّون أُمورهم، والعاقب، وهو أميرهم وصاجما مَشُورتهم والذى يصدرون عن رأيه، وأبو الحارث، أسقفهم وحَبرهم وإمامهم وصاحب مِدْرَاسهم، والسيّد، وهو صاحب رحلتهم، فتقدّمهم كُرْز أخو أبى الحارث وهو يقول:
إليك تَعدُو قَلِقًا وَضِينُها ... مُعترضًا فى بَطنِها جَنينُها
مُخَالِفًا دينَ النّصارى دينُها
فقدم على النّبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قدم الوفد بعده، فدخلوا المسجد عليهم ثياب الحبرة، وأَرْدِية مكفوفة بالحرير، فقاموا يصلّون فى المسجد نحو المشرق، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: دَعُوهُمْ، ثم أتوا النّبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعرَضَ عنهم ولم يكلّمهم، فقال لهم عثمان: ذلك من أجل زيّكم هذا، فانصرفوا يومهم ذلك، ثمّ غدوا عليه بزىّ الرهبان فسلَّموا عليه، فردّ عليهم ودعاهم إلى الإسلام، فَأَبَوْا وكَثُر الكلام والحِجَاج بينهم، وتلا عليهم القرآن، وقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنْ أنْكَرْتُمْ ما أقُولُ لَكُمْ فَهَلُمّ أُباهِلُكُمْ.
---------------
(¬١) راجع النويرى ج ١٨ ص ١٢١، وابن حديدة ج ٢ ص ٢٠٠.