كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

فانصرَفوا على ذلك، فَغَدَا عبد المسيح ورجلان من ذَوى رأيهم على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: قد بَدَا لنا أن لا نُبَاهلك فاحكُم علينا بما أحببت نعطك ونُصالحك، فصالحَهم على ألفَىْ حُلّة، ألفٌ فِى رجب، وألفٌ فى صفر، أوقية كل حلة من الأواقى، وعلى عارية ثلاثين درعًا، وثلاثين رُمحًا، وثلاثين بعيرًا، وثلاثين فَرَسًا، إن كان باليمن كيد، ولنجران وحاشيتهم جوار اللَّه وذمّة محمّد النبىّ رسول اللَّه على أنفسهم ومِلّتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وبيَعهم، لا يغير أسقف عن سقِّيفاه، ولا راهب عن رهبانيته، ولا واقف عن وقفانيته، وأشهد على ذلك شُهودًا، منهم أبو سفيان بن حرب، والأقرع بن حابس، والمغيرة بن شعبة، فرجعوا إلى بلادهم فلم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرًا حتى رجعا إلى النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأسلما وأنزلهما دار أبا أيّوب الأنصارىّ.
وأقام أهل نجران على ما كتَب لهم به النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى قَبَضَهُ اللَّه، صلوات اللَّه عليه ورحمته ورضوانه وسلامه، ثمّ ولى أبو بكر الصّدّيق فكتبَ بالوصاة بهم عند وفاته، ثمّ أصابوا رِبًا فأخرَجهم عمر بن الخطّاب من أرضهم وكتَب لهم: هذا ما كتب عمر أميرِ المؤمنين لنجران مَن سارَ منهم إنّه آمِنٌ بأمان اللَّه لا يضرّهم أحدٌ من المسلمين، وفاءً لهم بما كتب لهم رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو بكر، أما بعد فمن وقعوا به من أمراء الشأم وأمراء العراق فليُوَسّعهم من جريب الأرض، فما اعتملوا من ذلك فهو لهم صَدقة وعقبة لهم بمكان أرضهم لا سبيل عليهم فيه لأحد ولا مغرم، أما بعد فمن حضرهم من رجل مُسلم فلينصرهم على مَن ظَلَمهم، فإنّهم أقوام لهم الذمة وجِزْيتهم عنهم متروكة أربعة وعشرين شهرًا بعد أن تقدموا ولا يكلَّفوا إلّا من ضيعتهم التى اعتملوا غير مظلومين ولا معنوف عليهم، شهد عثمان بن عفّان، ومُعَيْقِب بن أبى فاطمة، فوقَع ناس منهم بالعراق فنزلوا النجرانية التى بناحية الكوفة.

وفد جَيْشَان (¬١)
قال (¬٢) محمّد بن عمر: بلغنى عن عَمرو بن شُعيب قال: قَدِم أبو وَهْب
---------------
(¬١) جَيْشَان: مِخْلاف باليمين.
(¬٢) الخبر بنصه لدى النويرى ج ١٨ ص ١٢٠.

الصفحة 308