الجيشانى على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى نَفَرٍ من قومه فسألوه عن أَشْرِبَة تكون باليمن، قال: فَسَمّوا له البِتْع (¬١) من العسل والمِزْر من الشَّعير، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: هَلْ تَسْكَرُونَ مِنْهَا؟ قالوا: إنْ أكثرْنا سَكِرْنا، قال: فَحَرَامٌ قَلِيلُ ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ. وسألوه عن الرجل يتّخذ الشرابَ فيسقيه عُمّاله، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: كُلّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.
وفد السِّباع
قال محمّد بن عمر قال: حدّثنى شُعيب بن عُبادة عن المُطَّلب بن عبد اللَّه بن حَنْطَب (¬٢) قال: بينما رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، جالسٌ بالمدينة لى أصحابه أقبل ذئبٌ فوقفَ بين يَدَىْ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَعَوى بين يديه، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: هَذا وَافِدُ السِّباع إلَيْكُمْ فَإنْ أحْبَبْتُمْ أنْ تَفْرِضُوا لَهُ شَيْئًا لا يَعْدُوهُ إلى غَيْرِهِ وإنْ أحْببْتُمْ تَرَكْتُموهُ وَتَحَرّزْتُمْ مِنْهُ فَمَا أخَذَ فَهُوَ رِزْقُهُ، فقالوا: يا رَسُولَ اللَّه ما تَطيبُ أنفسنا له بشئ، فأومأَ إليه النّبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بأصابعه، أى خَالِسهم، فَوَلَّى وله عَسَلان.
* * *
ذكر صفة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى التوراة والإنجيل
أخبرنا معن بن عيسى، أخبرنا معاوية بن صالح عن أبى فَروة عن ابن عبّاس أنّه سأل كعب الأحبار: كيف تجد نَعْتَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى التوراة؟ فقال: نجده محمّد بن عبد اللَّه، مولده بمكّة، ومُهاجَره إلى طَابَة، ويكون مُلكه بالشأم، ليس بفَحَّاش ولا بصَخَّاب فى الأسواق، ولا يُكَافِئُ بالسيئة، ولكن يَعفو ويَغفر (¬٣).
أخبرنا عَمرو بن عاصم الكلابى، أخبرنا هَمام بن يحيَى، أخبرنا عاصم عن أبى صالح قال: قال كَعب: إن نَعْتَ محمّدٍ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى التوراة محمّد عبدى المختار، لا فَظّ ولا غَلِيظ ولا صَخّاب فى الأسواق، ولا يَجزى بالسيئة السيئة، ولكن يَعفو ويَغفر، مولده بمكّة، ومُهاجَره بالمدينة، ومُلكه بالشأم.
---------------
(¬١) البِتْع: نبيذ التمر وهو خَمْر أهل اليمن.
(¬٢) الخبر بسنده ونصه فى سبل الهدى ٦/ ٦٧٩ نقلا عن ابن سعد.
(¬٣) أورده النويرى فى نهاية الأرب ج ١٦ ص ١١٩، والذهبى فى السيرة النبوية ص ٩٤.