أخبرنا عبيد اللَّه بن موسى، أخبرنا إسرائيل عن عاصم عن أبى الضُّحَى عن أبى عبد اللَّه الجَدَلى عن كَعب قال: إنّا نجدُ فما اقوراة محمّد النّبىّ المختار لا فَظّ ولا غَلِيظ، ولا صَخَّاب فى الأسواق، ولا يَجْزِى السيئةَ السيئةِ، ولكن يَعفو ويَغفر (¬١).
أخبرنا مَعن بن عيسى، أخبرنا هشام بن سَعد عن زَيد بن أسْلم قال: بلغنا أن عبد اللَّه بن سَلَام كان يقول: إن صفة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى التوراة: يا أيّها النّبىّ إنّا أرسلناك شَاهِدًا ومبشِّرًا ونذيرًا وحِرْزًا للأُميِّين، أنت عبدى ورسولى سَمَّيْتك المتوكِّل، ليس بفَظِّ ولا غَلِيظ، ولا صَخِب بالأسواق، ولا يجزى السيئة بالسيئة، ولكن يَعفو ويصفح، ولَن أقبضه حتى أُقيم به الملّة المتَعَوِّجة، بأن يقولوا لا إله إلا اللَّه، فَيَفْتَحَ به أَعْيُنًا عُميًا وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غلفا، فبلغ ذلك كعبًا فقال: صدق عبد اللَّه بن سلام إلا أنها بلسانهم أعينًا عُموميّين وآذانًا صُموميّين وقُلوبًا غلوفيّين (¬٢).
أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا جَرير بن حازم، حدّثنى مَن سمع الزهرىّ يحدّث أن يهوديًا قال: ما كان بقى شئ من نَعت رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى التوراة إلا رأيته إلا الحِلْمُ، وإنى أسلفته ثلاثين دينارًا إلى أجلٍ معلوم، فتركته حتى إذا بَقِىَ من الأجل يومٌ أتيته فقلت: يا محمّد اقضِ حقى فإنّكم معاشر بنى عبد المطّلب مَطْل، فقال عمر: يا يهودىّ الخبيث أما واللَّه لولا مكانه لَضَرَبْتُ الذى فيه عيناك! فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يا أبا حَفْصٍ، نَحْنُ كُنّا إلى غَيْرِ هَذا مِنْكَ أحْوَجَ إلى أنْ تَكونَ أمَرْتَنى بقَضَاءِ ما عَلَىّ وَهُوَ إلى أنْ تَكُونَ أعَنْتَهُ فى قَضاءِ حَقّهِ أحْوَجُ. قال: فلم يَزِدْهُ جَهْلى عليه إلّا حِلْمًا، قال: يا يهودىّ إنّما يَحِلّ حَقُّكَ غَدًا، ثمّ قال: يا أبا حَفْصٍ اذْهَبْ بهِ إلى الحائِطِ الذى كان سَألَ أوّلَ يوْمٍ فَإنْ رَضِيَهُ فَأعْطِهِ كذَا وكذَا صاعًا وزِدْهُ لِماَ قُلْتَ لَهُ كذا وكذا صَاعًا فَإنْ لَمْ يَرْضَ فَأعْطِهِ ذَلِكَ مِنْ حَائِطِ كذا وكذا. فأتى لى الحائط فَرَضِىَ تَمْرَه، فأعطاهُ ما قال رسول
---------------
(¬١) نفس المصدرين.
(¬٢) مختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٤١.