أخبرنا إسحاق بن عيسى، أخبرنا حمّاد بن سَلَمة عن بِشر بن حرب عن أبى سعيد الخُدرى أن رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أُتى بضَبّ فقال: اقْلِبوهُ لِظَهْرِهِ، فَقَلَبوه، ثمّ قال: اقْلِبُوهُ لِبطنِهِ، فَقَلَبوه، فقال: تاهَ سِبْطٌ مِنْ بنى إسْرَائِيلَ مِمّنْ غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِ، فإنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا! فإنْ يَكُ فَهُوَ هَذا!
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدىّ عن علىّ بن زَيد، حدّثنى عمران بن أبى حَرملة عن ابن عبّاس قال: دخلتُ مع رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنا وخالد بن الوليد على مَيْمونة بنت الحارث، فقالت: ألا أُطْعِمُكُمْ من هدية أهدتها لنا أم عتيق؟ فقال: بَلَى، فَجِئَ بضَبّين مَشويّين فَتَبَزّقَ (¬١) رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له خالد بن الوليد: كأنّك تَقْذَرُهُ؟ قال: أجَلْ، قالت: ألا أسقيكم من لبن أهدته لنا؟ قال: بَلَى (¬٢).
قال: فجئ بإناء من لبن فشرب رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا عن يمينه وخالد عن شماله، فقال لى: اشْرَبْ هُوَ لكَ وَإنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهِ خالدًا، فعلمتَ ما كنتُ لأوثِرَ بسُؤرِكَ علىّ أحدًا، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: مَنْ أطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا فَلْيَقُلِ اللهُمّ بارِكْ لَنَا فيهِ وَأطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّه لَبَنًا فَلْيَقُلِ اللهُمّ بارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ، فإنّه لَيْسَ شَىْءٌ، يُجْزى مِنَ الطّعَامِ والشّرَابِ غَيرَ اللّبَنِ.
أخبرنا هاشم بن القاسم قال: أخبرنا شُعبة قال: أخبرنا جعفر بن إياس، سمعتُ سَعيد بن جُبَير عن ابن عبّاس قال: أَهدت أم حُفيد خالة ابن عبّاس لرسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، سمنًا وأقطًا وَأضُبًّا، فأكل من السمن والأقط وترك الأضُبّ تَقَذّرًا، قال: وأُكل على مائدة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو كان حرامًا لم يؤكل على مائدة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-.
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا أبو جَعفر الرازى وَوَرْقَاء بن عمر عن عبد اللَّه ابن دينار عن ابن عمر عن رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: ناداه رجل فقال: كيف تقول فى الضّبّ؟ قال: لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلا مُحَرّمِهِ (¬٣).
---------------
(¬١) فتبزق رسول اللَّه "بالزاى والقاف" أى كاد أن ييصق من تقذره منهما.
(¬٢) الصالحى ج ٧ ص ٣٤٠ نقلا عن ابن سعد.
(¬٣) الصالحى ج ٧ ص ٣٤٠.