كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن أبى فُديك ومحمّد بن عمر الأسلمى عن ابن أبى ذئب عن مسلم بن جُندب عن نوفل بن إياس الهُذلى قال: كان عبد الرحمن ابن عَوف لنا جليسًا وكان نِعْمَ الجليس، وإنّه انقلب بنا ذات يوم حتى إذا دخلنا بيته ودخَلَ فاغتسل ثمّ خَرج فجلس معنا وأتانا بجفنة فيها خبز ولحم فلمّا وُضعت بكى عبد الرحمن فقلت: يا أبا محمّد ما يبكيك؟ فقال: فارَق رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، الدنيا ولم يَشْبع هو ولا أهل بيته من خبز الشعير، ولا أرانا أخّرنا لهذا لما هو خير لنا.
أخبرنا سعيد بن منصور، أخبرنا عبد الحميد بن سليمان قال: سمعت أبا حازم يقول قال أبو هريرة: ما شبع رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، من الكِسَر اليابسة حتى فارق الدنيا وأصبحتم تَهْذِرُون (¬١) بالدنيا، ونقر بأصابعه.
أخبرنا خالد بن خِدَاش، أخبرنا عبد اللَّه بن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب أن أبا هريرة كان يمُرّ بالمغيرة بن الأَخْنَس وهو يطعم الطعام فقال: ما هذا الطعام؟ قال: خبز النَّقىّ واللّحم السمين، قال: وما النقِىّ؟ قال: الدقيق، فتعجّب أبو هريرة ثمّ قال: عجبًا لك يا مُغيرة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، قبضه اللَّه، عزّ وجلّ، وما شبع من الخبز والزيت مرّتين فى يوم وأنت وأصحابك تَهذِرُونَ ههنا الدنيا بينكم ونقر بإصبعه يقول كأنهم صبيان (¬٢).
أخبرنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا أبان بن يزيد، أخبرنا قتادة، أخبرنا أنس بن مالك أن النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، لم يجمع له غداءً ولا عشاءً من خبز ولحم إلا على ضَفَف.
أخبرنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا سلّام بن مسكين، أخبرنا عمر بن معدان عن أنس بن مالك قال: شهدت للنبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليمة ما فيها خبز ولا لحم.
(¬٣) أخبرنا عَمرو بن عاصم الكلالى، أخبرنا همّام، أخبرنا قتادة قال: كنّا
---------------
(¬١) ل، م "تهدرون" والمثبت لدى النويرى. ويؤكده ما لدى ابن الأثير فى النهاية (هذر) وفى حديث أبى هريرة "ما شَبعَ رسول اللَّه (-صلى اللَّه عليه وسلم-) من الكِسَر اليابسة حتى فارق الدنيا، وقد أصبحتم تَهْذِرون الدنيا" أى تتوسعون فيها. قال الخطابى: يريد تبذير المال وتفريقَه فى كل وحه.
(¬٢) النويرى ج ١٨ ص ٢٨٠.
(¬٣) الخبر بنصه لدى النووى ج ١٨ ص ٢٨١.

الصفحة 347