الحارث، ولا ولد له يومئذ غيره، وخرج جُنْدب فى نفر من ثقيف، فَنَفَدَ ماء عبد المطّلب وأصحابه، فطلبوا إلى الثقفيّين أن يسقوهم، فأبوا، ففجّر اللَّه لهم عينًا من تحت جِران بعير عبد المطّلب، فحمد اللَّه، عزّ وجلّ، وعلم أنّ ذلك منّة، فشربوا ريّهم وحملوا حاجتهم، ونفد ماء الثقفيّين فبعثوا إلى عبد المطّلب يستسقونه فسقاهم، وأتوا الكاهن فنفّر عبد المطّلب عليهم، فأخذ عبد المطّلب الإبل فنحرها، وأخذ ذا الهَرم ورجع وقد فَضَّله عليه وفَضَّل قومه على قومه (¬١).
* * *
ذكر نذر عبد المطَّلب أن ينحر ابنه
قال: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمى، أخبرنا محمد بن عبد اللَّه عن الزهرىّ عن قَبيصة بن ذؤيب عن ابن عبّاس؛ قال الواقدىّ: وحدّثنا أبو بكر بن أبى سَبْرَة عن شيبة بن نِصاح عن الأعرج عن محمّد بن ربيعة بن الحارث وغيرهم، قالوا: لما رأى عبد المطّلب قلّة أعوانه فى حَفْر زَمْزَم، وإنّما كان يحفر وحده وابنه الحارث هو بِكْرُه، نَذَر لَئِن أكمَل اللَّه له عشرة ذكور حتى يراهم أن يذبح أحدهم، فلمّا تكاملوا عشرة، فهُم: الحارث والزّبير وأبو طالب وعبد اللَّه وحَمزة وأبو لهب والغَيْدَاق والمُقَوّم وضِرَار والعبّاس، جمعهم ثمَّ أخبرهم بِنَذْره ودَعَاهُمْ إلى الوفاء للَّه به، فما اختلف عليه منهم أحد وقالوا: أوفِ بنَذرك وافْعل ما شِئْتَ، فقال: ليكتُبْ كل رجل منكم اسمَه فى قِدْحِه، ففعلوا، فدخل عبد المطّلب فى جوف الكعبة وقال للسّادن (¬٢): اضرب بقداحهم، فضرب، فخرج قِدْح عبد اللَّه أوّلها، وكان عبد المطّلب يحبّه، فأخذ بيده يقوده إلى المذبح ومعه المُدْيَة، فبكى بنات عبد المطّلب، وكنّ قيامًا، وقالت إحداهُنّ لأبيها: أعْذِر فيه بأن تضرب في إبلك السوائم التى فى الحرم، فقال للسادن: اضرب عليه بالقداح وعلى عشرٍ من الإبل، وكانت الدية يومئذ عشرًا من الإبل، فضرب، فخرج القِدْح. على عبد
---------------
(¬١) البلاذرى: أنساب الأشراف ج ١ ص ٧٤.
(¬٢) السادن: خادم بيت الأصنام.