كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

فليخرج هو وجميع ولده، وليخرج منكم من كلّ بطن رجل، فتطهّروا وتطيّبوا ثمّ استلِموا الرّكن، ثمّ ارْقَوْا رأس أبى قُبيس، ثمّ يتقدّم هذا الرجل فيستقى وتُؤمنّون فإنّكم سَتُسقَون، فأصبحت فَقَصَّت رؤياها عليهم، فنظروا فوجدوا هذه الصّفة صفة عبد المطّلب، فاجتمعوا إليه، وخرج من كلّ بطن منهم رجل، ففعلوا ما أمرتهم به، ثمّ عَلَوْا على أبى قُبيْس ومعهم النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو غُلام، فتقدّم عبدُ المطّلب وقال: لاهُمّ هؤلاء عَبيدك وبنو عبيدك، وإماؤك وبنات إمائك، وقد نزل بنا ما ترى، وتتايعتْ علينا هذه السّنون فذهبت بالظّلف والخُفّ وأشْفتْ على الأنْفُس، فأذهِبْ عنّا الجَدْب وائتنا بالحيا والخِصْب! فما برحوا حتى سالت الأودية، وبرسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، سُقوا، فقالت رُقَيقة بنت أى صيْفَىّ بن هشام بن عبد مناف:
بشَيْبَةِ الحَمْدِ أسْقَى اللَّه بَلْدَتَنَا ... وقَدْ فَقَدْنَا الحَيَا واجْلوّذَ المطرُ
فَجَادَ بالماءِ جَوْنىٌ له سَبَلٌ ... دَانٍ فعاشَتْ بهِ الأنعام والشّجَرُ
مَنًّا منَ اللَّه بالميمونِ طائره ... وخيرِ مَن بُشّرَتْ يومًا بهِ مُضَرُ
مبارَكِ الأمْرِ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بِهِ ... ما فى الأنامِ لهُ عِدْلٌ ولا خَطَرُ (¬١)
قال: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمى، أخبرنا عبد اللَّه بن عثمان بن أبى سليمان عن أبيه قال: وحدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن البَيْلَمانى عن أبيه قال: وحدّثنا عبد اللَّه بن عَمرو بن زُهير الكَعبى عن أبى مالك الحِمْيَرى عن عَطَاء ابن يَسَار قال: وحدّثنا محمد بن سعيد الثقفى عن يَعْلَى بن عَطاء عن وكيع بن عُدُس عن عمّه أبى رَزِين العُقَيْلىّ قال: وحدّثنا سعيد بن مسلم عن عبد اللَّه بن كثير عن مجاهد عن ابن عبّاس، دخل حديث بعضهم فى حديث بعض، قالوا: كان النجاشى قد وجّه أرياط أبا أصحم فى أربعة آلاف إلى اليمن فأداخها (¬٢) وغلب عليها فأعطى الملوك واستذلّ الفقراء، فقام رجل من الحبشة يقال له أبرهة الأَشْرَم أبو يَكْسُوم فدعا إلى طاعته فأجابوه، فقتل أرياط وغلَب على اليمن، فرأى الناس يتجهّزون أيّام الموسم للحجّ إلى بيت اللَّه الحرام، فَسأل: أين يذهب الناس؟
---------------
(¬١) الخبر مع الأبيات لدى البلاذرى فى أنساب الأشراف ج ١ ص ٨٢ - ٨٣.
(¬٢) أداخها: أذلها.

الصفحة 71