كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

أنت الذى جعلته لى عَضُدَا ... لا يبُعدِ الدهرُ به فَيَبْعَدَا
أنت الذى سَميّتهُ مُحَمّدَا (¬١)
قال: أخبرنا سعيد بن سليمان الواسطىّ، أخبرنا خالد بن عبد اللَّه عن داود ابن أبى هند عن العباس بن عبد الرحمن عن كِنْدِير بن سعيد عن أبيه قال: كنت أطوف بالبيت فإذا رجلٌ يقول:
ربّ (¬٢) رُدَّ إلىَّ رَاكبى محمّدَا ... رُدّهْ إلىَّ واصْطَنِعْ عِنْدى يَدَا
قال قلت: مَن هذا؟ قالوا: عبد المطّلب بن هاشم بعث بابن ابن له فى طلب إبلٍ له ولم يبعث به فى حاجة إلَّا نَجح، فما لبثنا أن جاء فضمَّه إليه وقال: لا أبعثُ بك فى حاجة.
قال: أخبرنا مُعاذ بن مُعاذ العَنبرى، أخبرنا ابن عَون عن ابن القِبْطية قال: كان النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، مسترضَعًا فى بنى سعد بن بكر.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابى، أخبرنا همّام بن يحيَى عن إسحاق بن عبد اللَّه أنّ أمّ النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، لما دفعته إلى السعدية التى أرضعته قالت لها: احفظى ابنى، وأخبرتها بما رأت، فمرّ بها اليهود، فقالت: ألا تحدّثونى عن ابنى هذا فإنى حملته كذا ووضعته كذا ورأيتُ كذا كما وَصَفت أُمّه، قال: فقال بعضهم لبعض: اقتلوه، فقالوا: أيتيم هو؟ فقالت: لا، هذا أبوه وأنا أمّه، فقالوا: لو كان يتيمًا لقَتَلناه (¬٣)! قال: فذهبت به حليمة وقالت: كدتُ أخرّب أمانتى، قال إسحاق: وكان له أخٌ رضيع، قال: فجعل يقول له: أترى أنّه يكون بَعْثٌ؟ فقال النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-: أمَا والّذى نَفْسى بيدِهِ لآخُذَنّ بيَدِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلأعْرِفَنّكَ: فقال: فلمّا آمَنَ بعد موت النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، جعل يجلس فيبكى ويقول: إنما أرجو أن يأخذ النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بيدى يوم القيامة فأنجو.
---------------
(¬١) انظره لدى النويرى ج ١٦ ص ٨٥، والصالحى ج ١ ص ٤٧٦.
(¬٢) ربّ: الكلمة زائدة على الوزن، فالبيت به خزم. والخزم فى الشعر: زيادة تكون فى أول البيت لا يعتد بها فى التقطيع. هذا وقد وردت الرواية لدى البلاذرى ج ١ ص ٨٢ بنفس الإسناد لدى ابن سعد دون تصديرها بكلمة "رب" هكذا "رُدّ علىّ راكبِى محمدَا".
(¬٣) أورده النويرى ج ١٦ ص ٨٦ نقلا عن ابن سعد.

الصفحة 92