كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

بالقَدم التى فى المقام منه، فقال عبد المطّلب لأبى طالب: أسمع ما يقول هؤلاء فكان أبو طالب يحتفظ به، وقال عبد المطلب لأُم أيْمن، وكانت تحضُن رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا بَركة لا تغفلى عن ابنى فإنى وجدته مع غِلمان قريبًا من السّدرة، وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابنى هذا نبى هذه الأُمّة (¬١).
وكان عبد المطلب لا يأكل طعامًا إلّا قال: علىّ بابنى، فيؤتَى به إليه، فلمّا حضَرَت عبد المطلّب الوفاةُ أوصَى أبا طالب بحفظ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحياطته (¬٢)، ولمّا نزل بعبد المطّلب الوفاة قال لبناته: ابكيننى وأنا أسمع، فَبَكَته كلّ واحدةِ منهنّ بشعر، فلمّا سمع قول أميمة، وقد أُمسك لسانه، جعل يحرك رأسه أى قد صدقتِ وقد كنتُ كذلك، وهو قولها (¬٣):
أَعَيْنَىّ جُودا بِدَمْعٍ دِرَرْ ... عَلى طَيّبِ الخيمِ وَالمُعْتَصَرْ
عَلى ماجِدِ الجَدّ وارى الزّنادِ ... جَميلِ المحيّا عَظيِمِ الخَطَرْ
عَلى شَيْبَةِ الحَمدِ ذى المَكرُمَاتِ ... وذى المَجدِ والعزّ والمُفْتَخَرْ
وذى الحلم والفضلِ فى النائبات ... كثيرِ المَكَارِمِ جَمّ الفَخَرْ
له فضلُ مَجْدٍ عَلى قَوْمِه ... مُبِينٍ يَلُوحُ كَضَوءِ القَمَرْ
أتَتْهُ المَنَايَا فَلَمْ تُشْوِهِ ... بصَرْفِ اللّيَالى وَرَيْبِ القَدَرْ
قال: ومات عبد المطّلب فدُفن بالحَجون، وهو يومئذ ابن اثنتين وثمانين سنة، ويقال: ابن مائة وعشر سنين (¬٤). وسُئل رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: أتذكر موت عبد المطّلب؟ قال: نَعَمْ أنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانى سِنِينَ، قالت أمّ أيْمن: رأيت رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، يومئذ يبكى خلف سرير عبد المطّلب.
قال: أخبرنا هشام بن محمّد بن السائب عن أبيه قال: مات عبد المطّلب بن هاشم قبل الفِجار وهو ابن عشرين ومائة سنة.
* * *
---------------
(¬١) أورده الصالحى ج ٢ ص ١٧٥.
(¬٢) النويرى ج ١٦ ص ٨٨.
(¬٣) ابن هشام ج ١ ص ١٧١، وعزاه إلى برّة، وانظره كذلك لدى البلاذرى فى أنساب الأشراف ج ١ ص ٨٦ وعزاه إلى أميمة.
(¬٤) نقله النويرى فى نهاية الأرب ج ١٦ ص ٨٨.

الصفحة 97