كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

نبىّ اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أرسلنى إلى علىّ فقال لأُعطينّ الرايةَ اليومَ رَجُلًا يُحِبّ اللَّه ورسولَه ويُحبّهُ اللَّه ورسوله: قال: فجئت به أقودُه أرْمَدَ فبَصق رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى عَينيه ثمّ أعطاهُ الرايةَ فخرَج مَرْحَب يخطر بسيفه فقال:
قدْ عَلِمَتْ خيْبَرُ أنّى مَرْحَبُ ... شَاكِى السّلاحِ بَطَلٌ مُجَرّبُ
إذا الحُرُوبُ أقبلتْ تَلَهّبُ
فقال علىّ، صلوات اللَّه عليه وبركاته:
أنَا الّذى سَمّتْنى أمّى حَيدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَريهِ المنْظَرَهْ
أَكِيلُهُمْ بالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ! (¬١)
فَفَلَقَ رأسَ مَرحب بالسيف، وكان الفتحُ على يديه.
أخبرنا بكر بن عبد الرحمن قاضى الكوفة، حدّثنى عيسى بن المُختار بن عبد اللَّه بن أبى ليلَى الأنصارى عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبى ليلَى الأنصارى عن الحَكَم عن مِقْسَم عن ابن عبّاس قال: لمّا ظَهَرَ النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، على خيبر صالحهم على أن يخرجوا بأنفسهم وأهليهم ليس لهم بَيضاء ولا صَفراء، فأتَى بكِنَانة والربيع، وكان كنانة زَوجَ صفَيّة والربيع أخوه وابن عمّه، فقال لهما رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: أين آنيتكما التى كنتما تُعيرانها أهل مكّة؟ قالا: هَربنا فلم تزل تَضَعُنا أرْضٌ وتَرْفَعُنَا أخرى فذهبنا فأنفقنا كلّ شئ: فقال لهما: إنّكما إن كتمتمانى شيئًا فاطلعتُ عليه استحللتُ به دماءَكما وذراريّكما: فقالا: نَعَمْ! فدعا رجلًا من الأنصار فقال: اذهَبْ إلى قرَاح كذا وكذا ثمّ ائتِ النّخلَ فانظُرْ نَخلَةً عن يمينك أو عن يَسارك فانظرْ نَخلَةً مرفوعة فأْتنى بما فيها. قال: فانطلقَ فجاءه بالآنية والأصوال فضَرَب أعناقَهما وسَبَى أهليهما، وأرسلَ رجلًا فجاء بصفيّة فمرّ بها على مَصرَعهما فقال له نبىّ اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: لمَ فعلتَ؟ فقال: أحببتُ يا رسول اللَّه أن أغيظها. قال: فَدَفعها إلى بِلال وإلى رجل من الأنصار فكانت عنده.
أخبرنا هاشم بن القاسم. أخبرنا عِكْرِمة بن عَمّار عن يحيَى بن أبى كثير عن
---------------
(¬١) النويرى ج ١٧ ص ٢٥٣ - ٢٥٤.

الصفحة 106