بالأبطَح، فكان هناك حتى خرجَ منها وأمر أبا رافع فنادى بالرّحيل وقال: لا يُمسيّن بها أحدٌ من المسلمين. وأخرج عُمارة بنت حمزة بن عبد المطّلب من مكّة وأمّ عُمارة سَلمَى بنت عميس. وهى أمّ عبد اللَّه بن شدّاد بن الهاد، فاختصم فيها علىّ وجعفر وزيد بن حارثة أيّهم تكون عنده فقضى بها رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، لجعفر من أجل أنّ خالتها عنده أسماءُ بنت عُميس، وركب رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى نزل سرِف وتَتَامّ النّاس إليه. وأقام أبو رافع بمكّة حتى أمسَى فحمل إليه ميمونَةَ بنت الحارت فَبَنَى عليها رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بِسَرِف ثمّ أدلَجَ فسار حتى قدم المدينة.
أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا حمّاد بن زيد وأخبرنا يحيَى بن عبّاد، أخبرنا حمّاد بن سَلمة جميعًا عن أيّوب عن سعيد بن جُبير عن ابن عبّاس أن النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصحابه قَدِموا مكّة يعنى فى القضية، فقال المشركون من قريش: إنّه يقدم عليكم قوم قد وَهَنَتْهم حُمّى يَثرِبَ. قال: وقعدوا ممّا يلى الحجر فأمر النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أصحابه أن يَرْمُلُوا الأشواط الثلاثة ليرى المشركون قُوّتَهم، وأن يمشوا ما بين الرّكنَين.
قال ابن عبّاس: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يَرْمُلوا الأشواطَ كلّها إلّا إبقاءٌ عليهم، فلمّا رملوا قالت قريش: ما وهنتهم.
سريّة ابن أبى العَوْجاء السُّلَمى إلى بنى سُليم (¬١)
ثمّ سريّة ابن أبى العَوجاء إلى بنى سُليم فى ذى الحجّة سنة سبع من مُهاجَر رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-. قالوا: بعث رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ابن أبى العَوْجاء السُّلَمى فى خمسين رجلًا إلى بنى سُليم، فخرَج إليهم وتقدّمه عينٌ لهم كان معه فحذّرهم فجمّعوا فأتاهم ابن أبى العَوْجاء، وهم مُعِدّون له، فدعاهم إلى الإسلام فقالوا: لا حاجةَ لنا إلى ما دعوتنا، فَتَراموا بالنبل ساعة وجعلتِ الأمداد تأتى حتى أحدَقوا بهم من كلّ ناحية، فقاتَل القوم قتالًا شديدًا حتى قُتل عامّتهم وأُصيبَ ابن أبى العَوْجاء جريحًا مع القتلى ثمَّ تحامَلَ حتى بلغ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَدِموا المدينة في أول يوم من صَفر سنة ثمان.
---------------
(¬١) مغازى الواقدى ص ٧٤١.