كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

سريّة غالب بن عبد اللَّه اللَّيْثى إلى بنى المُلَوِّح بالكَديد (¬١)
ثمّ سريّة غالب بن عبد اللَّه اللّيثى، إلى بنى الملوّح بالكَديد فى صفر سنة ثمان من مُهاجَر رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-.
أخبرنا عبد اللَّه بن عَمرو أبو مَعمَر، أخبرنا عبد الوارث بن سعيد، أخبرنا محمّد بن إسحاق عن يَعقوب بن عُتبة عن مُسلم بن عبد اللَّه الجُهَنى عن جُندَب ابن مَكيث الجُهنى قال: بعثَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، غالب بن عبد اللَّه الليثى ثمّ أحد بنى كَلْب بن عَوف فى سريّة، فكتب فيهم فأمرهم أن يشُنّوا الغارةَ على بنى الملوّح بالكديد، وهم من بنى ليث، قال: فخرجنا حتى إذا كنّا بقُديد لقينا الحارث بن البَرْصاء اللّيثى فأخذناه فقال: إنّما جئت أريد الإسلام إنّما خرجتُ إلى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، قلنا: إن تَكُنْ مُسلمًا لم يضررك رباطُنا يومًا وليلةً، وإن تكن على غير ذلك نَسْتَوثق منك. قال: فشددناه وثاقًا وخلّفنا عليه رُويجلًا منّا أسودَ فقلنا: إن نازَعَك فاحتزّ رأسَه! فسرنا حتّى أتينا الكَديد عند غروب الشمس فكمنّا فى ناحية الوادى وبعثنى أصحابى رَبيئةً لهم فخرجت حتّى أتيت تلًّا مشرفًا على الحاضر يُطلعُنى عليهم حتى إذا أسندتُ عليهم فيه علوتُ على رأسه ثمّ اضطجعتُ عليه قال: فإنّى لأنظر إذ خرج رجلّ منهم من خِباءٍ له فقال لامرأته: إنّى أرى على هذا الجبل سوادًا ما رأيته أوّل من يومى هذا فانظرى إلى أوعِيَتِكِ لا تكون الكلاب جرّت منها شيئًا. قال: فنظرت فقالت: واللَّه ما أفقد من أوعيتى شيئًا. قال: فناولينى قوسى ونبلى، فناولَته قوسَهُ وسهمين معها، فأرسل سهما فواللَّه ما أخطأ بين عينىّ، قال: فانتزعته وثبَتّ مكانى ثمّ أرسل آخر فوضعه فى منكبى فانتزعته فوضعته وثبتّ مكانى، فقال لامرأته: واللَّه لو كانت ربيئةً لقد تحرّكت بعد! واللَّه لقد خالَطَهَا سَهمَاىَ لا أبا لَكِ! فإذا أصبحتِ فانظريهما لا تمضغهم الكلاب، قال: ثمّ دخل وراحَت الماشية من إبلهم وأغنامهم، فلمّا احتَلَبوا وعَطَنوا واطمأنّوا فناموا شننّا عليهم الغارةَ واستَقنَا النّعَمَ. قال: فخرج صريخ القوم فى قَومهم فجاء ما لا قبَلَ لنا به، فخرجنا بها نحدرها حتّى مررنا بابن البَرْصاء فاحتملناه واحتملنا صاحبنا، فأدركَنا القومُ حتى نظروا إلينا ما بيننا وبينهم إلّا الوادى ونحن موجّهون
---------------
(¬١) مغازى الواقدى ص ٧٥٠.

الصفحة 116