سريّة كعب بن عُمير الغِفَارِيّ إلى ذات أطلاح (¬١)
ثمّ سرية كَعب بن عُمير الغفارى إلى ذات أطلاح، وهي من وراء وادى القرَى، في شهر ربيع الأول سنة ثمان من مُهاجَر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثنى محمّد بن عبد الله عن الزّهريّ قال: بعث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كَعب بن عُمير الغِفارى في خمسة عشر رجلًا حتى انتهوا إلى ذات أطلاح من أرض الشأم فوجدوا جَمعًا من جَمعهم كثيرًا، فدعوهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا لهم وَرَشقوهم بالنبل، فلمّا رأى ذلك أصحابُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قاتَلوهم أشدّ القتال حتَّى قُتلوا وأفلَتَ منهم رجل جريح في القَتلَى، فلمّا برد عليه اللّيلُ تحامل حتَّى أتى رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره الخبر فشقّ ذلك عليه وهم بالبعث إليهم فبلغه أنّهم قد ساروا إلى موضع آخر فتركهم.
سريّة مُؤتَة (¬٢)
ثمّ سريّة مؤتة، وهي بأدنى البلقاء، والبلقاء دون دمشق، في جمادى الأولى سنة ثمان من مُهاجَر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -.
قالوا: بعث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الحارثَ بن عُمير الأزْدي أحد بنى لِهبٍ إلى ملك بُصرَى بكتاب، فلمّا نزل مُؤتَة عرض له شُرَحبيل بن عمرو الغسّانى فقتله ولم يُقتلْ لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، رسولٌ غيره، فاشتدّ ذلك عليه وندبَ النّاس فأسرعوا وعسكروا بالجُرف وهم ثلاثة آلاف، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - أميرُ النّاس زَيد بن حارتة، فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قُتل فعبد الله بن رَواحة، فإن قُتل فليرتَضِ المسلمون بينهم رجلًا فيجعلوه عليهم. وعقد لهم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لواءً أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثه وأوصاهم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن يأتوا مقتل الحارث ابن عُمير وأن يدعوا مَن هناك إلى الإسلام فإن أجابوا وإلاّ استعانوا عليهم بالله وقاتَلوهم، وخرَج مشيّعًا لهم حتى بلغ ثنيّة الوَداع فوقف وودّعهم، فلمّا سارُوا من معسكرهم نادى المسلمون: دَفع الله عنكم وردّكم صالحين غانمين! فقال ابن رَوَاحة عند ذلك.
---------------
(¬١) مغازى الواقدى ص ٧٥٢
(¬٢) مغازى الواقدى ص ٧٥٥