المدينة ثلاثة بُرُد، ليظنّ ظانّ أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، توجّه إلى تلك الناحية ولأنْ تَذْهَبَ بذلك الأخبارُ، وكان في السريّة مُحلّم بن جثّامة اللّيثى، فمرّ عامر بن الأضْبَط الأشْجَعى فسلّم بتحيّة الإسلام فأمسك عنه القوم وحمل عليه مُحَلّم بن جثّامة فقتله وسلبه بعيره ومتاعه وَوَطْبَ لَبَنٍ كان معه: فلمّا لحقوا بالنبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، نزل فيهم القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} [سورة النساء: ٩٤] (إلى آخر الآية) فمضوا ولم يلحقوا (¬١) جمعًا فانصرفوا حتىَ انتهوا إلى ذى خشُب فبلغهم أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد توجّه إلى مكّة فأخذوا على يَيْن (¬٢) حتى لقوا النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، بالسُّقْيَا.
* * *
غزوة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عامَ الفَتْح (¬٣)
ثمّ غزوة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عامَ الفتح في شهر رمضان سنة ثمان من مُهاجَر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -.
قالوا: لمّا دخل شعبان على رأس اثنين وعشرين شهرًا من صلح الحُديبية كلّمت بنو نُفاثة، وهم من بنى بكر، أشرافَ قريش أن يُعينوهم على خُزاعة بالرّجال والسّلاح، فوعدوهم ووافوهم بالوتِير متنكرّين متنقبّين، فيهم صفوان بن أُميّة وحُويطب بن عبد العُزّى ومِكرَز بن حَفص بن الأخيَف، فبيّتوا خُزاعةَ ليلًا وهم غارّون آمنون فقتلوا منهم عشرين رجلًا.
ثمّ ندمت قريش على ما صنعت وعلموا أنّ هذا نَقْضٌ للمُدّة والعهد الّذى بينهم وبين رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - وخرج عمرو بن سالم الخُزاعى في أربعين راكبًا من خُزاعة فقدموا على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يخبرونه بالّذى أصابهم ويستنصرونه، فقام
---------------
(¬١) النويرى "يلقوا".
(¬٢) يَيْن: تحرفت في طبعتى إحسان وعطا إلى "بَيْبن" و "يَينْ" بياءين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة ناحية من أعراض المدينة (ياقوت).
(¬٣) الواقدى ص ٧٨٠