ألوية: لواء مع أبى عزيز بن عُمير، ولواء مع النَّضْر بن الحارث، ولواء مع طلحة بن أبى طلحة، وكلّهم من بنى عبد الدار، ونزل رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أدنى بدر عشاء ليلة جمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان، فبعث عليًّا والزُّبير وسعد بن أبى وقّاص وبَسبَس بن عمرو يتحسّسون خبر المشركين على الماء، فوجدوا رَوَايا قريش فيها سُقّاؤهم، فأخذوهم. وبَلغ قريشًا خبر رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنّه قد أخذ سُقّاءهم، فماج العسكر وأُتى بالسُّقّاء إلى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: أين قريش؟ فقالوا: خلف هذا الكثيب الذي ترى. قال: كم هم؟ قالوا: كثير. قال: كم عددهم؟ قالوا: لا ندرى. قال: كم يَنحرون؟ قالوا: يومًا عشرًا ويومًا تسعًا. فقال، -صلى اللَّه عليه وسلم-: القوم ما بين الألف والتسعمائة. فكانوا تسعمائة وخمسين إنسانًا، وكانت خيلهم مائة فرس. وقال الحُبَاب بن المنذر: يا رسول اللَّه، إنَّ هذا المكان الذى أنت به ليس بمنزل، انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم فإنّى عالم بها وبقُلُبِها، بها قليبٌ قد عرفتُ عُذوبة مائه لا ينزح، ثمّ نبنى عليه حوضًا فنشرب ونقاتل ونُعوّر (¬١) ما سواه من القُلُب (¬٢). فنزل جبريل على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: الرَّأىُ ما أشارَ به الحُبَاب. فنهضَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففعل ذلك، فكان الوادى دَهْسًا (¬٣)، فبعثَ اللَّه، تبارك وتعالى، السماء فلبّدت الوادى ولم يمنع المسلمين من المسير، وأصابَ المشركين من المطر ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه، وإنما بينهم قَوْز من الرمل، وأصاب المسلمين تلك اللّيلة النُّعَاس، وبُنى لرسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، عَريش من جَريد فدخله النبى وأبو بكر الصِّدّيق، وقام سعد بن مُعاذ على باب العريش متوشّحًا بالسيف، فلمّا أصبح صفَّ أصحابه قبل أن تنزل قريش، وطلعت قريش ورسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، يصفّف أصحابه ويعدّلهم كأنَّما يقوم بهم القدحَ، ومعه يومئذ قدح يشير به إلى هذا: تقدّم، وإلى هذا: تأخّر، حتى استووا، وجاءت ريح لم يَروا مثلها شِدّةً، ثمّ ذهبت فجاءت ريح أخرى، ثمّ ذهبت فجاءت ريح أخرى، فكانت الأولى جبريل، عليه السلام، فى ألف من الملائكة مع رسول
---------------
(¬١) لدى ابن الأثير فى النهاية (عور) ومنه حديث على "أمره أن يُعَوِّرّ آبار بدر" أى يدفنها ويطمها.
(¬٢) القلب: جمع قليب، وهو البئر.
(¬٣) الدهس: كل مكان لين لم يبلغ أن يكون رملا.