كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب قال: قالت عائشة لأبى بكر: إنّى رأيت في المنام كأنّ ثلاثة أقمار سقطن في حُجْرتى! فقال أبو بكر: خيرٌ! قال يحيَى: فسمعتُ النّاس يتحدّثون أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لمّا قُبض فدُفن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحدُ أقمارك وهو خيرُها (¬١).
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا المسعوديّ عن القاسم بن عبد الرّحمن قال: قالت عائشة رأيتُ في حُجْرتى ثلاثة أقمار فأتيتُ أبا بكر فقال: ما أَوّلتِها؟ قلتُ: أوّلتُها ولدًا من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -. فسكت أبو بكر حتى قُبض رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -. فأتاها فقال لها: خَيرُ أقمارِك ذُهِبَ به! ثمّ كان أبو بكر وعمر دُفنوا جميعًا في بيتها.
أخبرنا موسى بن داود: سمعتُ مالك بن أنس يقول: قُسم بيت عائشة باثْنَين: قِسم كان فيه القبرُ، وقسم كان تكون فيه عائشة، وبينهما حائطٌ، فكان ما عائشة رُبّما دخلت حيثُ القبر فُضُلًا (¬٢)، فلمّا دفن عمر لم تَدخله إلّا وهي جامعة عليها ثيابَها.
أخبرنا سعيد بن سليمان، أخبرنا عبد الرّحمن بن عثمان بن إبراهيم قال: سمعتُ أبى يذكر قال: كانت عائشة تكشف قِناعها حيث دُفن أبوها مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا دُفن عمر تقنعت فلم تطرح القناع.
أخبرنا يحيَى بن عبّاد، أخبرنا حمّاد بن زيد سمعت عمرو بن دينار وعُبيد الله بن أبي يزيد قالا: لم يكن على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على بيت النّبيّ حائطٌ فكان أوّل مَن بنى عليه جدارًا عمر بن الخطّاب: قال عُبيد الله بن أبي يزيد: كان جداره قصيرًا ثمّ بناه عبد الله بن الزّبير بعدُ وزاد فيه.
* * *
---------------
(¬١) أورده البلاذرى: أنساب الأشراف ج ١ ص ٥٧٢، والذهبى: السيرة النبوية ص ٥٨٠.
(¬٢) لدى ابن الأثير في النهاية (فضل) تفضلت المرأة إذا لبست ثياب مهنتها، أو كانت فما ثوب واحد، فهى فُضُل.

الصفحة 256