كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

شَهد بدرًا: علىّ نَذْرٌ أنْ أقتلَ أبا عفكٍ أو أموتَ دونه: فأمهَلَ يطلب له غِرّة حتّى كانت ليلةٌ صائفةٌ، فنام أبو عفك بالفِناء وعلم به سالم بن عُمير، فأقبل فوضع السيف على كَبده ثمّ اعتمدَ عليه حتى خشّ فى الفراش، وصاح عدوّ اللَّه، فثاب إليه ناسٌ ممن هُمْ على قوله فأدخلوه منزله وقبروه.
* * *

غزوة بنى قَينُقَاع (¬١)
ثمّ غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بنى قينقاع يوم السبت للنصف من شوّال على رأس عشرين شهرًا من مهُاجَره، وكانوا قومًا من يهود حُلفاء لعبد اللَّه بن أُبىّ بن سَلول، وكانوا أشجعَ يهودَ، وكانوا صاغَة فوادعوا النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلمّا كانت وقعة بدر أظهروا البَغى والحَسَدَ ونَبذوا العَهدَ والمُدَّة (¬٢)؟ فأنزل اللَّه، تبارك وتعالى، على نبيّه: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}. [سورة الأنفال: ٥٨]، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنا أخاف بنى قَيْنُقَاع، فسار إليهم بهذه الآية. وكان الذى حَمل لواءه يومئذ حمزة بن عبد المطّلب، وكان لواء رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أبيض ولم تكن الرايات يومئذ، واستخلف على المدينة أبا لُبابة بن عبد المنذر العَمرى ثمّ سار إليهم فحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذى القعدة، فكانوا أوّلَ من غَدَر من اليهود وحاربوا وتحصّنوا فى حصنهم، فحاصرهم أشدّ الحصار حتى قذف اللَّه فى قلوبهم الرّعبَ، فنزلوا على حكم رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن لرسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أموالهم وأنّ لهم النساء والذّرّيّة، فأمر بهم فكُتِّفُوا، واستعمل رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، على كتافهم المنذر بن قُدامة السَّلَمى (¬٣) من بنى السلم، رهط سعد بن خَيْثَمَة، فكلم فيهم عبدُ اللَّه بن أُبىّ رسولَ اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، وألحّ عليه فقال: خلّوهم لعنهم اللَّه ولعنه معهم! وتركهم من القتل وأمر بهم أن يُجلَوا من المدينة، وولّى إخراجهم منها عُبادة بن الصامت
---------------
(¬١) مغازى الواقدى ص ١٧٦، والطبرى ج ٢ ص ٤٧٩، والنويرى ج ١٧ ص ٦٧.
(¬٢) كذا فى م، وهو يوافق ما فى عيون الأثر ج ١ ص ٢٩٥ وهو ينقل عن ابن سعد: والنويرى ج ١٧ ص ٦٧ وهو ينقل كذلك عن ابن سعد. وفى ل "المِرّة" وفسرها بالهامش بالإبْرَام.
(¬٣) بفتح السين المهملة واللام، قيده الصالحى ج ٤ ص ٢٦٧.

الصفحة 26