كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

توفّى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بَكت أمّ أيْمَن فقيل لها: يا أمّ أيمن أتبكين على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: أمَا والله ما أبكى عليه ألّا أكون أعلم أنّه ذهب إلى ما هو خيرٌ له من الدّنيا، ولكن أبكى على خبر السماء انقطع! (¬١).
أخبرنا سعيد بن منصور عن سفيان بن عُيينة عن عاصم بن محمّد بن زيد عن أبيه قال: ما سمع ابن عمر يذكر النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، إلّا بكى.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني شِبْل بن العَلاء عن أبيه: أنّ النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، لمّا حضرته الوفاةُ بكت فاطمة، عليها السلام، فقال لها النّبيّ: لا تبكى يا بُنيّة! قُولى إذا ما متّ: إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون! فإنّ لِكلّ إنسان بها من كلّ مصيبة مَعْوَضَةً: قالت: ومِنْكَ يا رسول الله؟ قال: ومنّى.
أخبرنا محمّد بن عمر عن سفيان بن عُيينة عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال: ما رأيتُ فاطمة ضاحكةً بعد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلّا أنّها قد تُمُودىَ في طرف فيها.
أخبرنا (¬٢) محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدّثني بعض آل يربوع عن عبد الرّحمن بن سعيد بن يربوع قال: جاء عليّ بن أبي طالب يومًا متقنّعًا متحازِنًا، فقال أبو بكر: أراك متحازِنًا! فقال عَليّ: إنّه عَنَانى ما لم يَعْنِك! قال أبو بكر: اسمعوا ما يقول! أنْشُدكم اللهَ أترون أحدًا كان أحزن على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، منّى؟
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني محمّد بن عبد الله عن الزّهريّ عن سعيد بن المسيّب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت عثمان بن عفّان يقول: تُوفّى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فحزن عليه رجال من أصحابه حتَّى كاد بعضُهم يُوَسْوس، فكنت ممّن حزن عليه، فبَيْنَا أنا جالس في أطْم من آطام المدينة وقد بويع أبو بكر إذ مَرّ بي عمر فلم أشعر به لِما بي من الحزن، فانطلق عمر حتَّى دخل على أبى بكر فقال: يا خليفة رسول الله ألا أُعَجّبُكَ؟ مررتُ على عثمان فسلّمتُ عليه فلم يردّ عليّ السلامَ! فقام أبو بكر فأخذ بيد عمر فأقبلا جميعًا حتَّى أتيانى فقال لي
---------------
(¬١) أورده النويري بنصه ج ١٨ ص ٣٩٩.
(¬٢) الخبر لدى النويري ج ١٨ ص ٣٩٩.

الصفحة 271