كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

لمْ يَتْرُكِ الله خَلْقًا منْ برِيّتِهِ، ... وَلمْ يُعِشْ بَعْدَهُ أُنْثى وَلا ذَكَرَا
ذَلّتْ رِقَابُ بنى النّجّارِ كُلّهِمُ! ... وكانَ أمرًا من الرّحمنِ قد قُدِرَا
قال أبو عمرو: قال كعب بن مالك يرثى رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -:
يا عَينِ فَابكى بدَمْعٍ ذَرَى ... لخِيَرِ البَرِيّةِ وَالمُصطَفَى!
وَبَكّى الرّسُولَ! وحُقّ البُكاءُ ... عَلَيْهِ، لَدى الحرْبِ عنْدَ اللّقَا!
عَلى خَيرِ مَنْ حَمَلَتْ ناقَةٌ، ... وأتْقَى البَرِيّةِ عِنْدَ التّقَى
علَى سَيّدٍ مَاجِدٍ جَحْفَلٍ، ... وخَيرِ الأنَامِ وخَيرِ اللهَا!
لَه حَسَبٌ فَوْقَ كُلّ الأنَا ... مِ منْ هاشمٍ ذلكَ المرْتَجَى
نُخَصّ بما كَانَ من فَضْلِهِ، ... وكَانَ سِرَاجًا لنَا في الدّجَى!
وكَانَ بَشِيرًا لَنَا مُنْذِرًا، ... وَنُورًا لَنَا ضَوْءُهُ قدْ أضَا
فأنْقَذَنا اللهُ في نُورِهِ، ... ونَجّى برَحْمَتِهِ منْ لَظَى!
قال: وفيها أنشدنا الواقديّ. قالت أرْوَى بنت عبد المطّلب ترثى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - (¬١):
ألا يَا عَينِ! وَيْحَكِ أسْعِدينى ... بدَمْعِكِ، مَا بَقِيتِ، وَطاوِعينى
ألا يَا عَينِ وَيْحَكِ! وَاسْتَهِلّى ... عَلى نُورِ البلادِ وأسْعِدينى!
فإنْ عَذَلَتْكِ عَاذِلَةٌ فَقُولى: ... عَلامَ وَفيمَ، وَيحَكِ! تَعذُلِينى؟
عَلى نُورِ البلادِ معًا جَمِيعًا ... رسُولِ اللهِ أحْمَدَ فاتْرُكِينى
فَإلّا تُقْصِرى بالعَذْلِ عَنّى، ... فَلُومى مَا بَدَا لَكِ أوْ دَعِينى!
لأمْرٍ هَدّنى وأذَلّ رُكْنى، ... وَشَيّبَ بَعْدَ جِدّتِها قُرُونى!
وقالتْ أرْوَى بنْت عبد المطّلب أيضًا:
ألَا يا رسُولَ اللهِ كُنْتَ رجَاءَنَا، ... وكُنْتَ بِنا بَرًّا ولمْ تَكُ جَافِيَا!
وكُنْتَ بِنَا رَوْفًا رَحيمًا نبيّنَا، ... ليَبكِ عَليكَ اليوْمَ مَن كان باكِيا! (¬٢)
---------------
(¬١) راجع الأبيات لدى النويري ج ١٨ ص ٤٠٥.
(¬٢) نسبت هذه الأبيات في الاستيعاب ج ١ ص ٤٩ إلى صفية.

الصفحة 282