كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)
أمْ مَنْ لوَحْي اللهِ يُتْرَكُ بَيْنَنَا ... في كلّ مُمْسى لَيْلةٍ أوْ في غَدِ؟
فَعَلَيْكَ رَحْمةُ رَبّنَا وَسَلامُهُ، ... يا ذا الفَوَاضِلِ وَالنّدَى وَالسّودَدِ!
هَلّا فَدَاكَ الموْتَ كُلُّ مُلَعَّنٍ ... شَكْسٍ خلائقُهُ لَئِيمِ المَحْتِدِ؟
وقالت عاتكة بنت عبد المطّلب أيضًا:
أعَيْنيّ جُودا بالدّموعِ السّوَاجِمِ ... عَلَى المصْطَفَى بالنّورِ من آل هاشمِ
عَلى المصْطَفَى بالحقّ والنّورِ والهُدى ... وَبالرّشْدِ بَعدَ المندَباتِ العَظائمِ
وَسُحّا عليهِ وَابكِيا، ما بَكَيْتُما، ... عَلى المرْتَضَى للمُحْكَماتِ العزَائمِ
على المرْتضى للبرّ والعَدْل والتّقَى، ... وَللدّينِ والإسْلامِ بعدَ المظَالِمِ
على الطّاهرِ الميمونِ ذى الحلمِ وَالنّدى ... وَذى الفَضْلِ وَالدّاعى لخيرِ التراحُمِ
أعَيْنَيّ ماذا، بَعدمَا قد فُجِعْتُمَا ... بهِ، تَبكيَانِ الدّهرَ من وُلدِ آدمِ؟
فَجُودا بسَجْلٍ وانْدُبا كلّ شارِقٍ ... رَبيعَ اليَتَامَى في السّنينَ البَوَازِمِ!
قال: وقالت صَفِيّة بنت عبد المطّلب ترثى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -:
لَهْفَ نَفْسى! وَبتُّ كالمَسْلُوبِ ... آرَقُ اللّيْلَ فِعْلَةَ المَحْرُوبِ!
منْ هُمُومٍ وَحَسْرَةٍ رَدَفَتْنى، ... لَيتَ أنّى سُقيتُها بشَعُوبِ!
حينَ قالوا: إنّ الرّسولَ قَدَ امْسَى ... وَافَقَتْهُ مَنِيّةُ المكْتُوبِ!
إذْ رأيْنَا أنّ النّبيّ صَريعٌ ... فَأشَابَ القَذَالَ أيّ مَشيبِ
إذْ رَأيْنَا بيُوتَهُ مُوحِشَاتٍ، ... لَيْسَ فِيهِنّ بَعْدَ عَيشٍ حَبيبى
أوْرَثَ القَلْبَ ذاكَ حُزْنًا طَويلًا، ... خالَطَ القَلْبَ، فهْوَ كالمَرْعوبِ
ليتَ شِعرى! وكيفَ أُمْسى صَحِيحًا ... بَعْدَ أنْ بِينَ بالرّسولِ القَريبِ؟
أعْظَمِ النّاسِ فما البَرِيّةِ حَقًّا، ... سَيّدِ النّاسِ حُبُّهُ في القُلُوبِ
فَإلى اللهِ، ذَاكَ أشْكُو! وَحَسْبى، ... يَعْلَمُ اللهُ حَوْبَتى وَنَحِيبى!
وقالت صفيّة بنت عبد المطلّب (¬١):
أفَاطِمَ بَكّى وَلا تَسْأمِى ... بصُبْحِكِ، مَا طَلَعَ الكَوْكَبُ!
---------------
(¬١) راجع الأبيات لدى النويري ج ١٨ ص ٤٠٤.
الصفحة 284