كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)
هُوَ المرْءُ يُبْكَى، وَحُقّ البُكَاءُ! ... هُو الماجدُ السّيّدُ الطّيّبُ!
فَأوْحَشَتِ الأرْضُ من فَقْدِهِ، ... وَأيّ البَريّةِ لا يُنْكَبُ؟
فمَالىَ بَعْدَكَ حَتّى المَمَا ... تِ إلّا الجَوَى الدّاخِلُ المُنْصِبُ
فَبَكّى الرّسُولَ! وحُقّتْ لَهُ ... شُهُودُ المَدينَةِ والغُيّبُ!
لتَبْكِيكَ شَمْطَاءُ مَضْرُورَةٌ، ... إذا حُجِبَ النّاسُ لا تُحْجَبُ
لَيَبْكِيكَ شَيْخٌ أبُو وِلْدَةٍ ... يَطوفُ بِعَقْوَتِهِ أشْهَبُ
وَيَبْكِيكَ رَكْبٌ إذَا أرْمَلُوا، ... فلَمْ يُلْفَ مَا طلَبَ الطُّلّبُ
وتَبْكى الأبَاطِحُ مِنْ فَقْدِهِ، ... وتَبْكِيهِ مَكّةُ وَالأخْشَبُ
وتَبْكِى وعِيرَةُ مِنْ فَقْدِهِ ... بحُزْنٍ وَيُسْعِدُهَا الميثَبُ!
فعَيْنِىَ مَا لَكِ لا تَدْمَعِينَ؟ ... وحُقّ لِدَمْعِكِ يُسْتَسْكَبُ!
وقالت صفيّة بنت عبد المطّلب أيضًا:
أعَيْنَيّ جُودا بدَمْعٍ سَجَمْ ... يُبادِرُ غَرْبًا بِمَا مُنْهدِمْ
أعَيْنَيّ فاسْحَنْفِرَا واسْكُبَا ... بِوَجْدٍ وَحُزْنٍ شَدِيد الألَمْ
عَلى صَفْوَةِ اللهِ رَبِّ العِبَادِ, ... وَرَبّ السّمَاء وَبَارِى النّسَمْ
عَلى المُرْتَضَى لِلْهُدَى وَالتّقَى, ... وَلِلرّشْدِ وَالنّورِ بَعْدَ الظُّلَمْ
عَلى الطّاهِرِ المُرْسَلِ المُجْتَبَى, ... رَسُولٍ تَخَيّرَهُ الكَرَمْ
وقالت صفية بنت عبد المطّلب أيضا:
أَرِقْتَ فَبتُ لَيْلي كالسَّلِيبِ ... لِوَجْدٍ في الجَوَانِحِ ذى دَبِيبِ!
فَشّيبنى، وما شَابَتَ لِدَاتى، ... فأمسَى الرأسُ مِنيِّ كالعَسِيبِ
لِفَقْدِ المصْطَفَى بالنّور حَقا، ... رَسُولِ اللهِ، مَالَك من ضَرِيبِ
كَريمُ الخِيمِ أروَعَ مَضْرَحِيّ، ... طَويلِ الباعِ مُنْتَجبٍ نَدِيبِ!
ثمَالِ المعْدَمِينَ وكل جَارٍ، ... وَمَأوَى كل مُضْطَهَدٍ غَرِيبِ
فإما تُمْسِ في جَدَثٍ مُقِيما، ... فَقِدْمًا عِشْتَ ذا كَرَمٍ وَطِيبِ!
وَكُنْتَ مُوَفَّقًا في كلِّ أمرٍ ... وفيما نَابَ منْ حَدَثِ الخُطُوبِ
الصفحة 285