كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)
وقالت هند بنت أُثاثة أيضًا:
قَدْ كَانَ بعَدَكَ أنباءٌ وهَنبَثَةٌ، ... لَوْ كُنْتَ شاهدَها لم تَكثرِ الخُطَبُ
إنّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الأرْضِ وَابلَهَا! ... فاحتلْ لقَوْمكَ وَاشهدهمْ ولا تغبِ
قَدْ كنتَ بدرًا ونُورًا يُستَضَاءُ بهِ، ... عَلَيكَ تُنزَلُ منْ ذى العزّةِ الكتبُ
وَكَانَ جبرِيلُ بالآياتِ يَحْضُرُنا، ... فغابَ عَنّا وكلُّ الغَيْبِ مُحْتَجِبُ
فَقَدْ رُزِئْتُ أبًا سَهْلًا خَلِيقَتُهُ، ... مَحْضُ الضّرِيبَةِ والأعْراقِ والنّسبِ
وقالت عاتكة بنت زَيْد بن عَمْرو بن نُفيل ترثى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -:
أمْسَتْ مَرَاكِبُهُ أوْحَشَتْ، ... وَقَدْ كانَ يَرْكَبُها زَيْنُهَا
وأمْسَتْ تُبَكّى عَلى سَيّدٍ ... تُرَدّدُ عَبْرتَهَا عَيْنُهَا
وَأمْسَتْ نِسَاؤكَ مَا تَسْتَفِيقُ ... مِنَ الحُزْنِ يَعْتَادُها دَيْنُها
وَأمْسَتْ شَوَاحِبَ مِثْلَ النّصَا ... لِ قَدْ عُطّلَتْ وَكَبَا لَوْنُهَا!
يُعَالِجْنَ حُزْنًا بَعِيدَ الذّهابِ، ... وفى الصّدْرِ مُكْتَنِعٌ حَيْنُهَا
يُضَرِّبْنَ بِالكَفّ حُرّ الوُجُوهِ ... عَلى مِثْلِهِ جَادَها شُونُهَا
هُو الفَاضِلُ السّيّدُ والمُصْطَفَى ... عَلى الحقّ مُجْتَمِعٌ دِينُهَا
فكَيْفَ حَياتىَ بَعْدَ الرّسُولِ، ... وقَدْ حَانَ مِنْ مِيتَةٍ حِينُهَا؟
وقالت أُمّ أَيْمن تَرثى النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -:
عَيْنِ جُودى! فَإنّ بَذْلَكِ لِلدّمْـ ... ـعِ شِفَاءٌ، فَأكْثِرى مِ البُكاءِ
حِينَ قالوا: الرّسُولُ أمْسى فَقيدًا ... مَيّتًا، كانَ ذاكَ كُلّ البَلاءِ!
وَابْكِيا خَيرَ مَنْ رُزِئْناهُ في الدّنْـ ... ـيَا وَمَنْ خَصّهُ بِوَحْى السّمَاءِ
بِدُمُوعٍ غَزِيرَةٍ مِنْكِ حَتّى ... يَقْضِىَ اللهُ فِيكِ خَيْرَ القَضَاءِ
فَلَقَدْ كَانَ ما عَلِمتُ وَصُولًا، ... ولَقَدْ جَاءَ رَحْمَةً بالضّيَاءِ!
وَلَقدْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ نُورًا ... وَسِرَاجًا يُضِئُ في الظَّلْمَاءِ
طَيّبَ العُودِ وَالضّرِيبةِ وَالمَعْـ ... ـدنِ وَالخِيمِ خَاتَمَ الأنبياءِ
آخِر خبر النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -
* * *
الصفحة 288