كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقّيّ، أخبرنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن قال: أوّل من عرّف بالبصرة عبدُ الله بن عبّاس، قال وكان مِثَجّةً (¬١) كثير العلم، قال فقرأ سورة البقرة ففسّرها آيةً آية.
أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا جرير بن حازم عن يَعْلَى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عبّاس قال: لما قُبض رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قلتُ لرجل من الأنصار هَلُمّ فَلْنَسْأل أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإنّهم اليومَ كثيرٌ، قال فقال: واعجبا لك يا بن عبّاس! أتَرَى النّاس يفتقرون إليك وفى النّاس من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - , مَنْ فيهم؟ قال: فتركتُ ذلك وأقبلتُ أسأل أصحاب رلسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن الحديث فإنْ كان لَيَبْلغنى الحديثُ عن الرجل فآتِى بابَه وهو قائل فأتوسّد رِدائى على بابه تَسفى الريحُ عليّ الترابَ فيخرج فيرانى فيقول لي: يابن عمّ رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلتَ إليّ فَآتيكَ؟ فأقول: لا، أنا أحقّ أن آتيك! فأسأله عن الحديث، فعاش ذلك الرجل الأنصاريّ حتى رآنى وقد اجتمع الناسُ حولى ليسألونى فيقول: هذا الفتى كان أعقل منى!
أُخبِرْتُ عن محمّد بن عَمْرو عن أبي سلمة عن ابن عبّاس قال: وجدتُ عامّة حديث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عند الأنصار فإن كنتُ لآتى الرجلَ فأجدُه نائمًا لو شئتُ أن يُوقَظَ لي لأوقِظَ فأجْلِسُ على بابه تَسْفِى على وجهى الريح حتى يستيقظ - متى ما استيقظ وأسأله عَمّا أريد ثمّ أنصرف.
أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسديّ عن سفيان الثوريّ عن سالم بن أبي حَفصة عن أبي كلثوم قال: لمّا دفن ابن عبّاس قال ابن الحَنَفيّة: اليومَ مات رَبّانيّ هذه الأمّة!
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة قال: كان ابن عبّاس قد فات الناسَ بخصال: بعِلْمِ ما سبقَه، وفقهِ فيما احتيجَ إليه من رأيه، وحِلْم وَنَسَب، (¬٢) ونائلٍ، وما رأيتُ أحدًا
---------------
(¬١) لدى ابن الأثير في النهاية (ثج) وقول الحسن في ابن عباس "إنه كان مِثَجًّا" أي كان يصب الكلام صبا.
(¬٢) ونسب تحرف في الأصول إلى "وسَيْب" وصوابه لدى الذهبي في تاريخ الإسلام وفيات سنة ٦٨ هـ، وهو ينقل عن ابن سعد. وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٥٠، وابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ١٢ ص ٣٠٨.

الصفحة 317