كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

فيها زيد أميرًا، والقَرَدَة من أرض نجد بين الرّبَذَة والغَمرة ناحيَةَ ذات عِرْق، بعثه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، يعترض لعير قريش، فيها صَفوان بن أُميّة وحُويطب بن عبد العُزّى وعبد اللَّه بن أبى رَبيعة، ومعه مالٌ كثيرٌ نُقَرٌ وآنية فضّةٍ وزن ثلاثين ألف درهم. وكان دليلهم فُرات بن حَيّان العِجلى. فخرج بهم على داتِ عِرْق طريقَ العراق، فبلغ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أمرهم فوجّه زيدَ بن حارثة فى مائة راكب فاعترضوا لها، فأصابوا العير وأفلتَ أعيانُ القوم، وقَدِموا بالعير على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخمّسها فبلغ الخمسُ فيه عشرين ألف درهم، وقسم ما بقى على أهل السريّة، وأُسِرَ فُرات بن حيّان فأتى به النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقيل له: إن تُسلمْ تُتْرَكْ! فأسلم فتركه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، من القتل.
* * *

غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أحُدًا (¬١)
ثمّ غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أُحُدًا يوم السبت لسبعِ ليالٍ خلونَ من شوّال على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من مُهاجَره. قالوا: لمّا رجع مَن حضر بدرًا من المشركين إلى مكّة وجَدوا العِيرَ التى قدم بها أبو سفيان بن حرب موْقُوفَةً فى دار النّدْوة، فمشَت أشراف قريش إلى أبى سفيان فقالوا: نحن طيّبُو أنفُسٍ إن تُجَهّزوا برِبح هذه العير جيشًا إلى محمّد، فقال أبو سفيان: وأنا أوّل من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معى: فباعوها فصارت ذهبًا فكانت ألفَ بعير والمال خمسين ألف دينار، فسلّم إلى أهل العير رءوس أموالهم وأخرجوا أرباحهم، وكانوا يَرْبَحُون فى تجارتهم للدينار دينارًا، وفيهم نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة الأنفال: ٣٦] وبعثوا رُسُلَهُم يسيرون فى العرب يدعونهم إلى نصرهم، فأوعبوا وتألّب من كان معهم من العرب وحضروا، فأجمعوا على إخراج الظُّعن، يعنى النساء، معهم ليذكّرنَهم قَتلَى بدر فيُحفِظنَهُم فيكونَ أحدّ لهم فى القِتال.
وكتب العبّاس بن عبد المطّلب بخبرهم كلّه إلى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبر رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، سعدَ بن الرّبيع بكتاب العبّاس، وأَرْجَفَ (¬٢) المنافقون واليهود
---------------
(¬١) مغازى الواقدى ص ١٩٩، والنويرى ج ١٧ ص ٨١.
(¬٢) أرجف القوم: اختلقوا أخبارا كاذبة يكون معها اضطراب فى الناس.

الصفحة 33