الحارثى فانتهى إلى أُحُد إلى موضع القنطرة اليوم فحانَت الصلاة، وهو يرى المشركين، فأمر بلالًا وأذّن وأقام فصلّى بأصحابه الصبح صفوفًا (¬١).
وانخزل ابن أُبىّ من ذلك الكان فى كتيبة كأنّه هَيْقٌ (¬٢) يقادمهم وهو يقول: عصانى وأطاع الوِلدَانَ ومَن لا رأىَ له، وانخزلَ معه ثلاثمائة، فبقى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى سبعمائة ومعه فرسه وفرس لأبى بُرْدَةَ بن نِيار، وأقبل يصفّ أصحابه ويسوّى الصّفوف على رجليه، وجعل ميمنةً وميسرةً وعليه درعان ومِغْفَر وبَيْضة، وجعل أُحُدًا خلف ظهره واستقبل المدينة، وجعل عَينَينِ (¬٣) جبلًا بقَناة عن يساره وجعل عليه خمسين من الرّماة، واستعمل عليهم عبد اللَّه بن جُبَير وأوعز إليهم فقال: قوموا على مصافّكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشرَكونا، وإن رأيتمونا نُقتَل فلا تنصرونا (¬٤).
وأقبل المشركون قد صفّوا صفوفهم واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبى جهل، ولهم مُجنِّبتان (¬٥) مائتا فرس، وجعلوا على الخيل صَفوان بن أميّة، ويقال عمرو بن العاص، وعلى الرّماة عبد اللَّه بن أبى ربيعة، وكانوا مائة رامٍ، ودفعوا اللّواء إلى طلحة بن أبى طلحة، واسم أبى طلحة عبد اللَّه بن عبد العُزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قُصىّ. وسأل رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: من يحمل لواء المشركين؟ قيل: عبد الدار، قال: نحن أحقّ بالوفاء منهم، أين مُصعَب بن عُمير؟ قال: هَأنَذا، قال: خُذ اللّواء، فأخذه مصعب بن عُمير فتقدّم به بين يدى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬٦).
---------------
= والذى لدى الواقدى ج ١ ص ٢١٨، الذى ينقل عنه ابن سعد "أبو حَثْمَة الحارثى". وفى الموضع المماثل لدى النويرى ج ١٧ ص ٨٦ نقلا عن ابن سعد "ودليله أبو خيثمة". وبهامشه: كذا فى الأصول وهو يوافق ما فى المواهب. وفى ابن سعد "أبو حثمة" وخطأه صاحب المواهب.
(¬١) أورده النويرى ج ١٧ ص ٨٦ نقلا عن ابن سعد.
(¬٢) لدى ابن الأثير فى (هيق) فى حديث أحد "انخزل عبد اللَّه بن أبى فى كتيبة كأنه هَيْقٌ يقدمهم" الهَيْقُ. ذَكَر النعام. يريد سرعَة ذهابه.
(¬٣) عينان: جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادى مقابل المدينة.
(¬٤) أورده النويرى ج ١٧ ص ٨٧ نقلا عن ابن سعد.
(¬٥) المجنبتان: الميمنة والميسرة.
(¬٦) أورده النويرى ج ١٧ ص ٨٧ نقلا عن ابن سعد.