طلحة فرماه عاصم بن ثابت بن أبى الأقْلَح فقتله، ثمّ حمله الحارث بن طلحة بن أبى طلحة فرماه عاصم بن ثابت فقتله، ثم حمله كلاب بن طلحة بن أبى طلحة فقتله الزُّبير بن العوّام، ثمّ حمله الجُلاس بن طلحة بن أبى طلحة فقتله طلحة بن عُبيد اللَّه، ثم حمله أرطاة بن شُرَحبِيل فقتله على بن أبى طالب، ثمّ حَمله شريح ابن قارظ فلسنا ندرى مَن قتله، ثمّ حمله صُؤاب غلامهم وقال قائل: قتله سعد ابن أبى وقّاص، وقال قائل: قَتَله علىّ بن أبى طالب، وقال قائل: قَتَله قُزْمان، وهو أثبتُ القول (¬١).
فلمّا قُتل أصحاب اللواء انكشَفَ المشركون منهزمين لا يلوون على شئ، ونساؤهم يدعون بالويل، وتَبِعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاءوا حتى أجهضوهم عن العسكر، ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم، وتكلّم الرّماة الّذين على عَينَين واختلفوا بينهم، وثبت أميرهم عبد اللَّه بن جُبير فى نَفَر يسير دون العَشَرة مكانهم، وقال: لا أجاوز أمرَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووعظَ أصحابَه وذكّرهم أمرَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: لم يُرِدْ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، هذا، قد انهزم المشُركون فما مُقامنا هاهنا؟ فانطلقوا يتبعون العسكر ينتهبون معهم وخلّوا الجبل، ونظرَ خالد بن الوليد إلى خَلاء الجبل وقلّة أهله فكرّ بالخيل وتبعه عِكْرِمة بن أبى جهل فحملوا على مَن بقى مِن الرّماة فقتلوهم، وقُتل أميرهم عبد اللَّه بن جُبير، رحمه اللَّه. وانتقضت صفوف المسلمين واستدارَت رَحاهم وحالتِ الرّيح فصارت دَبُورًا، وكانت قبل ذلك صبًا (¬٢).
ونادى إبليس لعنه اللَّه: إنّ مُحمّدًا قد قُتِل. واختلط المسلمون فصاروا يقتتلون على غير شعار ويضرب بعضهم بعضًا ما يشعرون به من العَجَلَة والدّهَش، وقُتل مُصعَب بن عُمير فأخذ اللواءَ مَلَكٌ فى صورة مُصعَب، وحضرت الملائكة يومئذ ولم تُقاتل، ونادى المُشركون بِشعارهم: يا للعُزّى! يا لَهُبَل! وأوجعوا فى المسلمين قَتلًا ذريعًا، وولّى منهم ولّى منهم يومئذ وثَبتَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ما يزول
---------------
(¬١) أورده النويرى ج ١٧ ص ٩١ نقلا عن ابن سعد.
(¬٢) النويرى ج ١٧ ص ٩٢.