أخبرنا محمّد بن حُميد عن مَعمر عن الزهرى أن الشيطان صاح يوم أُحُد: إنّ محمّدًا قد قُتِل. قال كعب بن مالك: فكنت أنا أوّل من عرف النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، عرفتُ عينيه تحت المغفر فناديت بصوتى الأعلى: هذا رسول اللَّه! فأشار إلىّ أن اشكُتْ فأنزل اللَّه تعالى جدّه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ} [سورة آل عمران: ١٤٤].
أخبرنا قُتيبة بن سعيد البلخى، أخبرنا ليث بن سعد عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيّب أن أُبىّ بن خلف الجُمَحى أُسِر يوم بدر، فلمّا افتدى من رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال لرسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ عندىَ فرسًا أعلِفُها كلّ يومٍ فَرَقَ (¬١) ذُرَةٍ لعلّى أقتلك عليها، فقال رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: بل أنا أقتلك عليها إن شاء اللَّه، فلمّا كان يوم أُحُد أقبل أُبىّ بن خلف يركض فرسّه تلك حتى دنا من رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاعتَرض رجال من المسلمين له ليقتلوه فقال لهم رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-: استأخِروا استأخِروا! فقام رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بحَرْبَةٍ فى يده فرَمَى بها أُبىّ ابن خلف فكسرت الحربةُ ضلعًا من أضلاعه، فرَجَعَ إلى أصحابه ثقيلًا فاحتملوه حتى ولّوا به وطفقوا يقولون له: لا بأس بك! فقال لهم أبىّ: ألم يقُلْ لى: بل أنا أقتلك إن شاء اللَّه؟ فانطلق به أصحابه فمات ببعض الطريق فدفنوه. قال سعيد بن المسيَّب: وفيه أنزل اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [سورة الأنفال: ١٧].
أخبرنا عتّاب بن زياد، أخبرنا عبد اللَّه بن المبارك عن سُفيان بن عيينة عن يزيد ابن خُصيفة عن السائب بن يزيد أو غيره قال: كانت على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، يوم أُحُد درعان.
أخبرنا عتّاب بن زياد، أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان بن عُيينة قال: لقد أصيب مع رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، يوم أُحُد نحو من ثلاثين كلّهم يجئ حتى يجثو بين يديه، أو قال: يتقدّم بين يديه، ثمّ يقول: وجهى لوجهك الوفاء ونفسى لنفسك الفداء وعليك سلام اللَّه غير مودّع.
أخبرنا الحسن بن موسى الأشيَب وعمرو بن خالد المصرى قالا: أخبرنا زُهير
---------------
(¬١) لدى ابن الأثير فى النهاية (فرق) فى حديث عائشة "أنه كان يغتسل من إناء يقال له الفَرَقَ" الفَرَق بالتحريك: مِكيال يسع ستة عشر رطلا، وهى اثنا عشر مُدًّا، أو ثلاثة آصُع.