كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

أخبرنا حجّاج بن محمّد عن ابن جُريج عن مجاهد: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [سورة آل عمران: ١٧٣]، قال هذا أبو سفيان، قال يوم أحُد: يا محمّد موعدُكم بدرٌ حيث قتلتم أصحابنا! فقال محمّد، -صلى اللَّه عليه وسلم-: عسى! فانطلق النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، لموعده حتى نزلوا بدرًا فوافقوا السوقَ، فذلك قول اللَّه تبارك تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [سورة آل عمران: ١٧٤]. والفضل ما أصابوا من التجارةَ، وهى غزوة بدر الصغرى.
* * *

غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذات الرّقاع (¬١)
ثمّ غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذات الرّقاع فى المحرّم على رأس سبعة وأربعين شهرًا من مُهاجَره، قالوا: قدم قادمٌ المدينةَ بجلَبٍ (¬٢) له فأخبر أصحابَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن أنمارًا وثعلبة قد جمعوا لهم الجموعَ: فبلَغ ذلك رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاستخلف على المدينة عثمان بن عفّان وخرجَ ليلةَ السبت لعشرٍ خَلَون من المحرّم فى أربعمائة من أصحابه، ويقال سبعمائة. فمضى حتى أتى محالّهم بذات الرّقاع، وهو جبل فيه بُقَعُ حُمْرَةٍ وسَوادٍ وبَيَاضٍ قريبٌ من النخيل بين السّعد والشّقرة، فلم يجْد فى محالّهم أحدًا إلّا نسوة فأخذهنّ وفيهنّ جارية وَضِيئة، وهرَبت الأعراب إلى رءوس الجبال، وحضرت الصّلاةُ فخاف المسلمون أن يُغيروا عليهم فصلّى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، صلاةَ الخوف فكان ذلك أوّلَ ما صلَّاها (¬٣).
وانصرفَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، راجعًا إلى المدينة فابتاعَ من جابر بن عبد اللَّه فى
---------------
(¬١) مغازى الواقدى ص ٣٩٥، والنويرى ج ١٧ ص ١٥٨، ولدى الواقدى: سمِّيت ذات الرقاع لأنه جبل فيه بقع حمر وسواد وبياض. زاد السهيلى على ذلك فقال: سميت ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال ذات الرقاع: شجرة بذلك الموضع يقال لها ذات الرقاع.
(¬٢) الجلب: ما جلب من خيل وإبل ومتاع.
(¬٣) أورده النويرى ج ١٧ ص ١٥٨ نقلا عن ابن سعد.

الصفحة 57