كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

شمّاس وابن عمّ له فكاتباها على تسع أواقٍ ذهبِ فسألت رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى كتابتها وأدّاها عنها وتزوّجها (¬١).
وكانت جارية حلوة، ويقال: جعل صَداقَها عتقَ كلّ أَسير من بنى المصطَلق، ويقال: جعل صداقها عتقَ أربعين من قومها، وكان السّبى منهما مَن مَنّ عليه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بغير فداء، ومنهم مَن افتُدِى فافتُديَت المرأة والذّريّة بستّ فرائض، وقدموا المدينة ببعض السبى فقدم عليهم أهلوهم فافتدوهم فلم تبق امرأة من بنى المصطلق إلّا رجعت إلى قومها، وهو الثبت عندنا، وتنازع سنان بن وبَر الجُهَنى حليف بنى سالم من الأنصار وجَهجاه بن سعيد الغفارى على الماء فضرب جهجاه سنانًا بيده فنادى سنان: يا لَلأنصار! ونادى جهجاه: يا لَقُرَيش يا لَكنانة! فأقبلت قريش سراعًا وأقبلت الأوس والخزرج وشهروا السلاح، فتكلّم فى ذلك ناسٌ من المهاجرين والأنصار حتى ترك سنان حقّه وعَفَا عنه واصطلحوا، فقال عبد اللَّه بن أُبىّ: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [سورة المنافقون: ٨]: ثمّ أقبل على مَن حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم: وسمع ذلك زيد بن أرقم فأبلغ النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، قولَه فأمر بالرحيل وخرَج من ساعته وتبعه النّاس، فقدَم عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أُبىّ النّاس حتى وقفَ لأبيه على الطريق، فلمّا رآه أناخَ به وقال: لا أفارقك حتى تزعم أنّك الذّليل ومحمّد العزيز، فمرّ به رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: دَعه فَلَعمرى لنُحسننّ صُحبته ما دام بين أظهُرنا! وفى هذه الغزاة سقط عِقدُ لعائشة فاحتبسوا على طلبه، فنزلت آية التيمّم فقال أسيد بن الحُضير: ما هى بأوّلِ بَركتكم يا آل أبى بكر. وفى هذه الغَزاة كان حديث عائشة وقول أهل الإفك فيها. قال: وأَنَزَل اللَّه، تبارك وتعالى، بَرَاءتها. وغابَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى غَزَاته هذه ثمانية وعشرين يومًا وقدم المدينة لهلال شهر رمضان.
* * *
---------------
(¬١) أورده النويرى ج ١٧ ص ١٦٤ نقلا عن ابن سعد.

الصفحة 61