زيد بن حارثة فى تجارة إلى الشأم ومعه بضائع لأصحاب النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-. فلمّا كان دون وادى القرى لقيه ناس من فزارة من بنى بدر فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كان معهم، ثمّ استبلّ (¬١) زيد وقدم على رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبره فبعثه رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، إليهم.
فكمنوا النهار وساروا الليل، ونَذِرَت (¬٢) بهم بنو بدر ثمّ صبّحهم زيد وأصحابه فكبّروا وأحاطلوا بالحاضر (¬٣) وأخذوا أمّ قِرْفة، وهى فاطمة بنت ربيعة بن بدر، وبنتها جارية بنت مالك بن حُذيفة بن بدر، فكان الذى أخذ الجارية مَسلمة ابن الأكْوَع فوهبها لرسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوهبها رسول اللَّه بعد ذلك لحَزْن بن أبى وهب، وعمد قيس بن المُحسِّر إلى أمّ قِرفة، وهى عجوز كبيرة، فقتلها قتلًا عنيفًا: رَبَط بين رِجلَيها حَبلًا ثمّ ربطها بين بعيرين ثمّ زجرهما فذهبا فقطّعاها (¬٤)، وقتل النعمانَ وعُبيدَ اللَّه ابنى مَسعَدة بن حكمة بن مالك بن بدر. وقدِم زيد بن حارثة من وجهه ذلك فقرع بابَ النبىّ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام إليه عُريانًا يجرّ ثوبه حتى اعتنقه وقبّله وَسَاءَلَهُ (¬٥) فأخبره بما ظفّره اللَّه به.
سريّة عبد اللَّه بن عَتيك إلى أَبى رافع (¬٦)
ثمّ سريّة عبد اللَّه بن عَتيك إلى أبى رافع سَلام بن أبى الحُقيق النَّضَرى بخيبر فى شهر رمضان سنة ستّ من مُهَاجَرِ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالوا: كان أبو رافع بن أبى الحُقيق قد أجلب فى غطفان ومن حوله من مشركى العرب، وجعل لهم الجُعْلَ (¬٧) العظيم لحرب رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبعث رسول اللَّه عبدَ اللَّه بن عَتيك
---------------
(¬١) استبلّ، أى عوفى.
(¬٢) نذرت بهم: علموا بهم فحذروهم.
(¬٣) بالحاضر، أى بمن حضر هناك من فزارة.
(¬٤) كما شرح المواهب اللدنية ج ٢ ص ١٩٧ "إنما قتلها زيد كذلك لسبها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قيل: ولأنها جهزت ثلاثين راكبا من ولدها، وولد ولدها وقالت: اغزوا المدينة واقتلوا محمدا.
(¬٥) كذا فى كل النسخ. وفى الواقدى "وسأله" وكذا لدى النويرى وهو ينقل عن ابن سعد.
(¬٦) النويرى ج ١٧ ص ١٩٧.
(¬٧) ل "الحَفل" والمثبت رواية م، ت، ومثله لدى النويرى وهو ينقل عن ابن سعد.