كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 2)

غزوة ذى العُشَيرة (¬١)
ثمّ غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذا العُشَيرة فى جمادى الآخرة على رأس ستّة عشر شهرًا من مُهاجَره، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطّلب، وكان لواء أبيض، واستخلَف على المدينة أبا سَلَمَة بن عبد الأسَد المخزومى.
وخرج فى خمسين ومائة، ويقال فى مائتين من المهاجرين مِمَّن انتدب، ولم يُكره أحدًا على الخروج، وخرجوا على ثلاثين بَعيرًا يعتقبونها، خرج يعترض لعير قريش حين أبدأت إلى الشأم، وكان قد جاءه الخبر بفصولها من مكّة فيها أموال قريش، فبلغ ذا العُشَيرة، وهى لبنى مُدْلِج بناحية يَنْبُع، وبين يَنبُع والمدينة تسعة بُرُد، فوجد العير التى خرج لها قد مضت قبل ذلك بأيّام، وهى العير التى خرج لها أيضًا يريدها حين رجعت من الشأم فساحلت على البحر، وبلغ قريشًا خبرها فخرجوا يمنعونها، فلقوا رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ببدر فَوَاقَعهم وقَتَل منهم من قَتل، وبذى العُشَيرة كنّى رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، علىّ بن أبى طالب أبا تراب. وذلك أنَّه رآه نائمًا متمرّغًا فى البَوْغاء فقال: اجلسْ، أبا تُراب! فجلس. وفى هذه الغزوة وادع بنى مُدْلِج وحلفاءهم من بنى ضمرة ثمّ رجع إلى المدينة ولم يلقَ كيدًا.
* * *

سريّة عبد اللَّه بن جَحْش الأسَدى (¬٢)
ثمّ سريّة عبد اللَّه بن جحش الأسَدى إلى نخلة، فى رجب على رأس سبعة عشر شهرًا من مُهاجَر رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بعثه فى اثنى عشر رجلًا من المهاجرين، كلّ اثنين يعتقبان بعيرًا إلى بطن نخلة، وهو بستان ابن عامر الذى قُرْب مكّة، وأمره أن يرصد بها عيرَ قريش، فوردت عليه، فهابهم أهل العير وأنكروا أمرهم، فَحَلق عُكّاشة بن مِحصَن الأسدىّ رأسه، حلقه عامر بن ربيعة ليطمئن القوم، فأمِنوا وقالوا: هم عُمّار لا بأس عليكم منهم، فسرّحوا ركابهم وصنعوا طعامًا وشكّوا فى ذلك اليوم أهو من الشهر الحرام أم لا؟ ثمّ تشجّعوا عليهم فقاتلوهم،
---------------
(¬١) مغازى الواقدى ص ١٢، وتاريخ الطبرى ج ٢ ص ٤٠٨، والنويرى ج ١٧ ص ٥.
(¬٢) مغازى الواقدى ص ١٣، وتاريخ الطبرى ج ٢ ص ٤١٠، والنويرى ج ١٧ ص ٦.

الصفحة 9