يطوف بالبيت ليلًا فرآه معاوية بن أبى سفيان فعرفه، فأخبر قريشًا بمكانه فخافوه وطلبوه، وكان فاتِكًا فى الجاهلية، وقالوا: لم يأتِ عمرو لخير: فحشَد له أهل مكة وتجمّعوا وهرَب عمرو وسلمة، فلقى عمرو عبيدَ اللَّه بن مالك بن عبيد اللَّه التّيمى فَقَتله، وقتل آخر من بنى الدّيل سمعه يتغنّى ويقول:
وَلَست بمُسلمٍ ما دُمتُ حَيّا! ... وَلستُ أدِينُ دِينَ المُسلمينَا!
ولقى رسولَين لقريش بعثتهما يتحسّبان (¬١) الخبر فَقَتَل أحدهما وأسرَ الآخر فقدِم به المدينة، فجعل عَمرو يخبر رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، خبره ورسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، يضحك (¬٢).
غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، الحُديبية (¬٣)
ثمّ غزوة رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، الحُديبية. خرَج للعُمرة فى ذى القعدة سنة ستّ من مُهاجَره. قالوا: استنفرَ رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، أصحابَه إلى الغمرة فأسرعوا وتهيَّئُوا ودخل رسول اللَّه، -صلى اللَّه عليه وسلم-، بيته فاغتسلَ ولبس ثوبين وركب راحلتَه القَصواءَ وخرج، وذلك يومَ الاثنين لهلال ذى القعدة، واستخلَف على المدينة عبد اللَّه بن أمّ مكتوم ولم يُخْرَج معه بسلاح إلا السيوف فى القُرُب وساق بُدْنًا وساق أصحابُه أيضًا بُدْنًا، فصلّى الظهر بذى الحُليفة ثمّ دعا بالبُدن التى ساق فجُلّلت ثمّ أشعرها فى الشقّ الأيمن وقلّدها وأشعر أصحابه أيضًا وهنّ موجّهات إلى القِبلة، وهى سبعون بَدَنة فيها جمل أبى جهل الذى غَنمه يوم بدر، وأحرم ولبّى وقدّم عَبّادَ بن بشر أمامه طَليعةً فى عشرين فرسًا من خيل المسلمين، وفيهم رجال من المهاجرين والأنصار، وخرج معه من المسلمين ألف وستّمائة، ويقال ألف وأربعمائة، ويقال ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون رجلًا، وأخرج معه زوجته أمّ سَلَمة، رضى اللَّه عنها (¬٤).
---------------
(¬١) كذا فى الأصول. وتحت حاء الكلمة فى كل من (ت)، (م) علامة الإهمال للتأكيد. ولدى ابن الأثير فى النهاية (حسب) ومنه حديث بعض الغزوات "أنهم كانوا يَتَحَسَّبُونَ الأخبار" أى يطلبونها. ولدى النويرى وهو ينقل عن ابن سعد "يتحسسان الخبر". أما الصالحى ج ٦ ص ٢٠١ فلديه "يتجسسان".
(¬٢) أورده النويرى نقلا عن ابن سعد.
(¬٣) مغازى الواقدى ص ٥٧١، والنويرى ج ١٧ ص ٢١٧.
(¬٤) أورده النويرى ج ١٧ ص ٢١٨ نقلا عن ابن سعد.