كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

مظلومًا وإنّ من أكْبَرِ همّى لَدَيْنِى (¬١)، أفَتَرى دَيْننا يُبْقى من مالنا شيئًا؟ ثمّ قال: يا بُنى بعْ مالنا واقْض ديني وأوْص بالثّلُث فَإن فضل من مالنا من بعد قضاء الدّين شئٌ فثُلثُه لوَلدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله بن الزّبير قد وازى بعضَ بنى الزّبير خُبَيْبٌ وعَبّادٌ، قال وله يومئذ تسعُ بنات. قال عبد الله بن الزّبير: فجعل يوصينى بدَيْنه ويقول يا بُنيّ إنْ عجِزْتَ عن شئٍ منه فاستعِنْ عليه مولاىَ، قال فوالله ما دَرَيْتُ ما أراد حتَّى قلتُ يا أبَتِ من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعتُ في كُرْبةٍ من دَيْنه إلّا قلت يا مولى الزّبير اقْض عنه دينه، فيَقْضيه. قال وقُتلَ الزّبير ولم يدع دينارًا ولا درهمَا إلا أرَضين فيها الغابة، وإحدى عشرة دارًا بالمدينة، ودارَين بالبصرة، وأرًا بالكوفة، ودارًا بمصرَ. قال وإنّما كان دَيْنهُ الذي كان عليه أنّ الرجل كان يَأتيه بالمال ليستودعه إيّاه فيقول الزّبير: لا ولكن هو سَلَفٌ، إنى أخْشَى عليه الضّيْعَةَ. وما وَلىَ إمارةً قطّ ولا جبايةً ولا خراجًا ولا شيئًا إلا أن يكون في غزوٍ مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ومع أبى بكر وعمر وعثمان.
قال عبد الله بن الزّبير: فحَسَبْتُ ما عليه من الدّيْن فوجدته ألفى ألف ومائتى ألف: فلقىَ حكيمُ بن حزامِ عبدَ الله بن الزّبير فقال: يابن أخى كم على أخى من الدّين؟ قال فكتمه وقال: مائة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تتّسع لهذه، فقال له عبد الله: أفرأيتك إنْ كانت ألفىْ ألف ومائتى ألف؟ قال: ما أراكم تُطيقون هذا فإن عَجزْتُمْ عن شئ منه فاستعينوا بي.
وكان الزّبير أشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بن الزّبير بألف ألف وستّمائة ألف، ثمّ قام فقال: مَنْ كان له على الزّبير شئٌ فَلْيُوافنا بالغابة، قال فأتاه عبدُ الله بن جعفر وكان له على الزّبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله بن الزّبير: إنْ شئْتُمْ تركتُها لكم وإن شئتُم فأخّروها فيما تُؤخّرون، إنْ أخّرْتُمْ شيئًا، فقال عبد الله بن الزّبير: لا، قال: فاقطَعوا لي قطْعة، فقال له عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا، قال فباعه منها بقضاء ديْنه فأوفاه وبقى منها أربعة أسْهُم ونصف.
---------------
(¬١) في متن ل "لِدَيْني" وبهامشها: الصحيح لدى الشيخ محمد عبده "لَدَيْنِي" وقد آثرت قراءة الشيخ اعتمادا على رواية ت، ث.

الصفحة 101