كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

أخو بنى تميم بوادى السّباع، قالوا خرج الزّبير بن العوّام يوم الجمل وهو يوم الخميس لعشر ليالي خلون من جمادى الآخرة سنةَ ستٍّ وثلاثين بعد القتال على فرس له يُقال له ذو الخِمار منطلقًا يريد الرّجوع إلى المدينة، فلقيه رجلٌ من بنى تميم يقال له النّعِرُ بن زَمّام المُجاشِعيّ بسَفْوان فقال له: يا حواريّ رسول الله إلَيّ إلَيّ فأنت في ذمّتى لا يَصل إليك أحَدٌ من النّاس، فأقبل معه وأقبل رجل من بنى تميم آخَرُ إلى الأحنف بن قيس فقال له فيما بينه وبينه: هذا الزّبير في وادى السباع، فرفع الأحنف صوته وقال: ما أصنع وما تأمرونى إنْ كان الزّبير لفّ بين غارَين (¬١) من المسلمين قَتَلَ أحدُهما الآخر ثمّ هو يريد اللّحاق بأهْله، فسمعه عُمير بن جرموز التميمى وفُضالة بن حابس التميمى ونُفَيْع أو نُفَيْلُ بن حابس التميمى فركبوا أفراسهم في طلبه فلحقوه فَحَمَلَ عليه عُمَير بن جرموز فطعنه طعنة خفيفة، فحمل عليه الزّبير فلمّا ظنّ أنّ الزّبير قاتله دعا: يا فُضالة، يا نُفَيْعُ، ثمّ قال: الله الله يا زبيرُ! فكف عنه ثمّ سار فحمل عليه القوم جميعًا فقتلوه، رحمه الله، فطعنه عُمير بن جرموز طعنةً أثْبَتَتْهُ فوقع، فاعتَوَرُوه وأخذوا سيفه وأخذ ابن جرموز رأسه فحمله حتَّى أتى به وبسيفه عليًّا فأخذه عليّ وقال: سيفٌ والله طال ما جلا به عن وجه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الكَرْبَ ولكِنّ الحَينَ ومصارعَ السّوء. ودُفِنَ الزّبير، رحمه الله، بوادى السباع، وجلس عليّ يبكى عليه هو وأصحابه.
وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نُفيل، وكانت تحت الزّبير بن العوّام، وكان أهل المدينة يقولون: مَنْ أرَادَ الشّهَادَةَ فَلْتتَزَوّجْ عاتكة بنت زيد، كانت عند عبد الله بن أبي بكر فقُتل عنها، ثم كانت عند عمر بن الخطّاب فقُتل عنها، ثمّ كانت عند الزّبير فقُتل عنها، فقالت (¬٢):
غَدَرَ ابنُ جُرْموز بفارس بُهمةٍ ... يَوْمَ اللّقاء وكان غيرَ مُعَرِّدِ
يا عمرو لو نبّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ ... لا طائِشًا رَعِشَ الجنَان ولا اليد
---------------
(¬١) في متن ل "غارَّيْن" وفى حواشيها: الصحيح لدى الشيخ محمد عبده "غارَين" وشد آثرت قراءة الشيخ اعتمادا على ضبط الكلمة هكذا ضبط قلم في ث. وجاء بهامش ث "الغار: الجيش يقال التقى الغاران أي الجيشان. قاله الجوهرى".
(¬٢) مختصر تاريخ دمشق ج ٩ ص ٢٦، وتهذيب الكمال ج ٩ ص ٣٢٧.

الصفحة 104