كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

وأخبرنا إسحاق بن حازم عن يزيد بن رومان قال: وأخبرنا إسماعيل بن عيّاش عن يافع بن عامر عن سليمان بن موسى قال: وأخبرنا إبراهيم بن محمّد العَبْدَريّ عن أبيه، دَخَلَ حديثُ بعضهم في حديث بعض، قالوا: لمّا انصرف أهل العقبة الأولى الاثنا عشر وفشا الإسلام في دور الأنصار أرسلت الأنصار رجُلًا إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وكتبت إليه كتابًا: ابْعَثْ إلينا رجُلًا يُفَقّهُنا في الدين ويُقْرِئُنا القرآن، فبعث إليهم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مصعَب بن عُمير فقدم فنزل على أَسْعَد (¬١) بن زُرارة، وكان يأتى الأنصارَ في دورهم وقبائلهم فيدعوهم إلى الإسلام ويقْرأ عليهم القُرْآن فيُسْلمُ الرجلُ والرجلان حتى ظهر الإسلام وفشا في دور الأنصار كلّها والعَوالى إلا دورًا من أوْس الله، وهي خَطْمَةُ ووائل وواقفٌ، وكان مصعب يُقرئهم القرآن ويعلّمهم، فكتب إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يستأذنه أن يُجَمّعَ، فأذن له وكتب إليه: انْظُرْ من اليوم الذي يَجْهَرُ فيه اليَهودُ لسَبْتهم فإذا زالت الشمس فازْدَلِفْ إلى الله فيه بركعتين واخْطُبْ فيهما (¬٢). فجمّعَ بهم مصعبُ بن عُمير في دار سعد بن خَيْثَمَة وهم اثنا عشر رجلًا، وما ذبح لهم يومئذ إلّا شاة، فهو أوّل من جَمّعَ في الإسْلامِ جُمْعَةً.
وقد روى قومٌ من الأنصار أن أوّل من جَمّعَ بهم أبو أُمامة أسعدُ بن زُرارة، ثمّ خرج مصعب بن عُميِر من المدينة مع السبعين الذين وافَوْا رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، في العقبة الثانية من حاجّ الأوس والخزرج، ورافق أسعدَ بن زُرارة في سفره ذلك، فقدم مكّة فجاء منزل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أوّلًا ولم يَقْرَبْ منزله، فجعل يُخْبرُ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن الأنصار وسُرْعتهم إلى الإسلام واسْتَبْطَأهم رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فسُرّ رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، بكلّ ما أخبره وبلغ أمّه أنّه قد قدم فأرسلت إليه: يا عاقّ أتَقْدَمُ بَلَدًا أنا فيه لا تبدأ بي؟ فقال: ما كنتُ لأبْدأ بأحَد قبل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا سلّم على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأخبره بما أخبره ذهب إلى أُمّه فقالت:
---------------
(¬١) في متن ل "سعد" وفى هامشها: الشيخ محمد عبده "أسعد" وقد آثرت قراءة الشيخ لورودها في ت، ث مضبوطة هكذا ضبط قلم.
(¬٢) في طبعة إحسان وعطا والتحرير." فيهم".

الصفحة 110