كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم وعارم بن الفضل قالا: أخبرنا حمّاد بن زيد قال: أخبرنا يحيى بن سعيد عن السائب بن يزيد أنّه صَحِبَ سعدَ بن أبي وقّاص من المدينة إلى مكّة قال: فما سمعتُه يحدّث عن النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم - حديثًا حتَّى رجع.
أحبرنا يحيَى بن عبّاد قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرنا سعدٌ عن خالته أنّهم دخلوا على سعدت أبى وقّاص فسُئِلَ عن شئٍ فاستعجم فقال: إنّى أخاف أن أحدّثكم واحدًا فتزيدوا عليه المائة.
* * *

ذكر وصيّة سعد، رحمه الله
قال: أخبرنا سفيان بن عُيينة عن الزّهريّ عن عامر بن سعد عن سعد قال: مرضتُ مرضًا أَشْفَيْتُ (¬١) منه على الموت فأتانى رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، يعودنى فقلت: يا رسول الله لي مال كثير وليس يرثنى إلا ابنتى أفأُوصى بثُلُثَيْ مالى؟ قال: لا، قلت: فالشّطرِ؟ قال: لا، قلت: فالثلثِ؟ قال: الثلثِ والثلثُ كثير، إنّكَ أنْ تَتْرُكَ وَلَدَك أغنياءَ خيرٌ من أن تتركهم عالَةً يتكفّفون النّاس، إنّك لن تنفق نفقةً إلّا أُجِرْتَ عليها حتى اللّقْمَة تجعلها في فِي امرأتك، ولعلّك أن تُخَلّفَ حتّى ينْتَفعَ بك أقوامٌ ويُضرّ بك آخرون، اللهمّ أمْضِ لأصحابى هجْرَتَهم ولا تَرُدّهم حتَّى أعقابهم، لكنّ البائس سعد بن خَوْلَةَ يَرْثى له رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إنْ مات بمكّة.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين ومحمّد بن عبد الله الأسديّ قالا: أخبرنا سفيان عن سعد عن عامر بن سعد عن سعد قال: جاءنى النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، يعودنى وأنا بمكّة وهو يكره أن أموت بالأرض التي هاجرتُ منها، فقال: يرحمُ الله ابنَ عفراء! فقلت: يا رسول الله أوصى بمالي كلّه؟ قال: لا, قلت: فالشطرِ؟ قال: لا، قلت: الثلثِ، قال: الثلثِ والثلثُ كثير، إنّك أنْ تَدَعَ ورَثَتَكَ أغنياءَ خيرٌ من أنْ تَدَعَهم عالةً يتكفّفون النّاس في أيديهم, وإنّك مهما أنْفَقْت على أهلك من نفقةٍ
---------------
(¬١) في متن ل "أسقبت" وبهامشها: "أسقَبتُ": أسد الغابة ج ٢ ص ٢٧٤ س ٨ "أَشْفَيْتُ"، الشيخ محمد عبده "أشْفَيْتُ". وقد آثرت رواية ابن الأثير وقراءة الشيخ اعتمادا على روايتى كل من ت، ث حيث وردت الكلمة فيهما كما هو مثبت هنا مضبوطة هكذا ضبط قلم وأخرجه ابن ماجه: (٢٧١٨) في الوصايا: باب الوصية بالثلث وفيه "أَشْفَيْتُ".
والخبر بنفس الإسناد لدي الذهبي في سير أعلام النبلاء وفيه كذلك "أشفيت".

الصفحة 134